فله قذفها إذا تحقق زناها بأن رآها تزني أو ظن زناها ظنا مؤكدا أورثه العلم كشياع زناها بزيد مصحوب بقرينة كأن رآها ولو مرة واحدة في خلوة أو رآه يخرج من عندها أو هي تخرج من عنده، أو رأى رجلا معها مرارا في محل ريبة أو مرة تحت شعار في هيئة منكرة، أما مجرد الإشاعة فقط أو القرينة فقط فلا يجوز له اعتماد واحد منهما، أما الإشاعة فقد يشيعه عدو لها أو من يطمع فيها فلم يظفر بشئ، وأما مجرد القرينة المذكورة فلانه ربما دخل عليها لخوف، أو سرقة، أو طمع أو نحو ذلك، والأولى له كما في زوائد الروضة أن يستر عليها ويطلقها إن كرهها لما فيه من ستر الفاحشة وإقالة العثرة. هذا حيث لا ولد ينفيه، فإن كان هناك ولد ينفيه بأن علم أنه ليس منه لزمه نفيه، لأن ترك النفي يتضمن استلحاقه واستلحاق من ليس منه حرام كما يحرم نفي من هو منه. وإنما يعلم إذا لم يطأها أو وطئها ولكن ولدته لدون ستة أشهر من وطئه التي هي أقل مدة الحمل أو لفوق أربع سنين من الوطئ التي هي أكثر مدة الحمل، فلو علم زناها واحتمل كون الولد منه ومن الزنا وإن لم يستبرئها بعد وطئه حرم النفي رعاية للفراش وكذا القذف واللعان على الصحيح لأن اللعان حجة ضرورية إنما يصار إليها لدفع النسب أو قطع النكاح حيث لا ولد على الفراش الملطخ وقد حصل الولد هنا فلم يبق له فائدة، والفراق يمكن بالطلاق.
ثم شرع في كيفية اللعان بقوله: (فيقول) أي الزوج (عند الحاكم) أو نائبه إذ اللعان لا يعتبر إلا بحضوره والمحكم حيث لا ولد كالحاكم أما إذا كان هناك ولد فلا يصح التحكيم. إلا أن يكون مكلفا ويرضى بحكمه، لأن له حقا في النسب فلا يؤثر رضاهما في حقه. والسيد في اللعان بين أمته وعبده إذا زوجها منه كالحاكم، لأن له أن يتولى لعان رقيقه ويسن التغليظ في اللعان بالمكان والزمان. أما القسم الأول: وهو التغليظ بالمكان فيكون في أشرف موضع بلد اللعان لأن في ذلك تأثيرا في الزجر عن اليمين الفاجرة فإن كان في غير المساجد الثلاثة فيكون (في الجامع على المنبر) كما صححه صاحب الكافي لأن الجامع هو المعظم من تلك البلدة والمنبر أولى، فإن كان في المسجد الحرام فبين الركن الذي فيه الحجر الأسود وبين مقام إبراهيم عليه الصلاة والسلام ويسمى ما بينهما بالحطيم. فإن قيل: لا شئ في مكة أشرف من البيت. أجيب بأن عدولهم عنه صيانة له عن ذلك وإن كان في مسجد المدينة فعلى المنبر كما في الام والمختصر لقوله (ص): من حلف على منبري هذا يمينا آثما تبوأ مقعده من النار وإن كان في بيت المقدس فعند الصخرة لأنها أشرف بقاعه لأنها قبلة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
وفي صحيح ابن حبان أنها من الجنة، وتلاعن امرأة حائض أو نفساء أو متحيرة مسلمة بباب الجامع لتحريم مكثها فيه. والباب أقرب إلى المواضع الشريفة ويلاعن الزوج في المسجد فإذا فرغ خرج الحاكم أو نائبه إليها، ويغلظ على الكافر الكتابي إذا ترافعوا إلينا في بيعة، وهي بكسر الموحدة معبد النصارى، وفي كنيسة وهي معبد اليهود، وفي بيت نار مجوسي لا بيت أصنام وثني لأنه لا حرمة له، وأما القسم الثاني وهو التغليظ بالزمان في المسلم فيكون بعد صلاة عصر كل يوم إن كان طلبه حثيثا لأن اليمين الفاجرة بعد العصر، أغلظ عقوبة لخبر الصحيحين عن أبي هريرة أن النبي (ص) قال: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم. وعد منهم رجلا حلف على يمين كاذبة بعد العصر، يقتطع بها مال امرئ مسلم، فإن لم يكن طلب حثيث فبعد صلاة عصر يوم الجمعة لأن ساعة الإجابة فيه. كما رواه أبو داود والنسائي وصححه الحاكم. وروى مسلم أنها من مجلس الإمام على المنبر إلى أن تنقضي الصلاة.
وأما التغليظ بالزمان في الكافر فيعتبر بأشرف الأوقات عندهم، كما ذكره الماوردي وإن كان قضية كلام المصنف أنه كالمسلم ونقله ابن الرفعة عن البندنيجي وغيره.