الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٢٢
فله قذفها إذا تحقق زناها بأن رآها تزني أو ظن زناها ظنا مؤكدا أورثه العلم كشياع زناها بزيد مصحوب بقرينة كأن رآها ولو مرة واحدة في خلوة أو رآه يخرج من عندها أو هي تخرج من عنده، أو رأى رجلا معها مرارا في محل ريبة أو مرة تحت شعار في هيئة منكرة، أما مجرد الإشاعة فقط أو القرينة فقط فلا يجوز له اعتماد واحد منهما، أما الإشاعة فقد يشيعه عدو لها أو من يطمع فيها فلم يظفر بشئ، وأما مجرد القرينة المذكورة فلانه ربما دخل عليها لخوف، أو سرقة، أو طمع أو نحو ذلك، والأولى له كما في زوائد الروضة أن يستر عليها ويطلقها إن كرهها لما فيه من ستر الفاحشة وإقالة العثرة. هذا حيث لا ولد ينفيه، فإن كان هناك ولد ينفيه بأن علم أنه ليس منه لزمه نفيه، لأن ترك النفي يتضمن استلحاقه واستلحاق من ليس منه حرام كما يحرم نفي من هو منه. وإنما يعلم إذا لم يطأها أو وطئها ولكن ولدته لدون ستة أشهر من وطئه التي هي أقل مدة الحمل أو لفوق أربع سنين من الوطئ التي هي أكثر مدة الحمل، فلو علم زناها واحتمل كون الولد منه ومن الزنا وإن لم يستبرئها بعد وطئه حرم النفي رعاية للفراش وكذا القذف واللعان على الصحيح لأن اللعان حجة ضرورية إنما يصار إليها لدفع النسب أو قطع النكاح حيث لا ولد على الفراش الملطخ وقد حصل الولد هنا فلم يبق له فائدة، والفراق يمكن بالطلاق.
ثم شرع في كيفية اللعان بقوله: (فيقول) أي الزوج (عند الحاكم) أو نائبه إذ اللعان لا يعتبر إلا بحضوره والمحكم حيث لا ولد كالحاكم أما إذا كان هناك ولد فلا يصح التحكيم. إلا أن يكون مكلفا ويرضى بحكمه، لأن له حقا في النسب فلا يؤثر رضاهما في حقه. والسيد في اللعان بين أمته وعبده إذا زوجها منه كالحاكم، لأن له أن يتولى لعان رقيقه ويسن التغليظ في اللعان بالمكان والزمان. أما القسم الأول: وهو التغليظ بالمكان فيكون في أشرف موضع بلد اللعان لأن في ذلك تأثيرا في الزجر عن اليمين الفاجرة فإن كان في غير المساجد الثلاثة فيكون (في الجامع على المنبر) كما صححه صاحب الكافي لأن الجامع هو المعظم من تلك البلدة والمنبر أولى، فإن كان في المسجد الحرام فبين الركن الذي فيه الحجر الأسود وبين مقام إبراهيم عليه الصلاة والسلام ويسمى ما بينهما بالحطيم. فإن قيل: لا شئ في مكة أشرف من البيت. أجيب بأن عدولهم عنه صيانة له عن ذلك وإن كان في مسجد المدينة فعلى المنبر كما في الام والمختصر لقوله (ص): من حلف على منبري هذا يمينا آثما تبوأ مقعده من النار وإن كان في بيت المقدس فعند الصخرة لأنها أشرف بقاعه لأنها قبلة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
وفي صحيح ابن حبان أنها من الجنة، وتلاعن امرأة حائض أو نفساء أو متحيرة مسلمة بباب الجامع لتحريم مكثها فيه. والباب أقرب إلى المواضع الشريفة ويلاعن الزوج في المسجد فإذا فرغ خرج الحاكم أو نائبه إليها، ويغلظ على الكافر الكتابي إذا ترافعوا إلينا في بيعة، وهي بكسر الموحدة معبد النصارى، وفي كنيسة وهي معبد اليهود، وفي بيت نار مجوسي لا بيت أصنام وثني لأنه لا حرمة له، وأما القسم الثاني وهو التغليظ بالزمان في المسلم فيكون بعد صلاة عصر كل يوم إن كان طلبه حثيثا لأن اليمين الفاجرة بعد العصر، أغلظ عقوبة لخبر الصحيحين عن أبي هريرة أن النبي (ص) قال: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم. وعد منهم رجلا حلف على يمين كاذبة بعد العصر، يقتطع بها مال امرئ مسلم، فإن لم يكن طلب حثيث فبعد صلاة عصر يوم الجمعة لأن ساعة الإجابة فيه. كما رواه أبو داود والنسائي وصححه الحاكم. وروى مسلم أنها من مجلس الإمام على المنبر إلى أن تنقضي الصلاة.
وأما التغليظ بالزمان في الكافر فيعتبر بأشرف الأوقات عندهم، كما ذكره الماوردي وإن كان قضية كلام المصنف أنه كالمسلم ونقله ابن الرفعة عن البندنيجي وغيره.
(١٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الشفعة 2
2 فصل في القراض 7
3 فصل في المساقاة 11
4 فصل في الإجارة 14
5 فصل في الجعالة 20
6 فصل في المزارعة والمخابرة وكراء الأرض 22
7 فصل في إحياء الموات 23
8 فصل في الوقف 26
9 فصل في الهبة 31
10 فصل في اللقطة 35
11 فصل في أقسام اللقطة 39
12 فصل في اللقيط 41
13 فصل في الوديعة 42
14 كتاب بيان أحكام الفرائض والوصايا 46
15 فصل في الوصية الشاملة للايصاء 56
16 كتاب النكاح 63
17 فصل في أركان النكاح 71
18 فصل في بيان الأولياء 74
19 فصل في محرمات النكاح ومثبتات الخيار فيه 79
20 فصل في الصداق 84
21 فصل في القسم والنشوز 91
22 فصل في الخلع 96
23 فصل في الطلاق 99
24 فصل في الطلاق السني وغيره 102
25 فصل فيما يملكه الزوج من الطلقات وفي الاستثناء والتعليق والمحل القابل للطلاق وشروط المطلق 105
26 فصل في الرجعة 109
27 فصل في بيان ما يتوقف عليه حل المطلقة 110
28 فصل في الايلاء 112
29 فصل في الظهار 116
30 فصل في اللعان 120
31 فصل في العدد 125
32 فصل في فيما يجب للمعتدة وعليها الخ 130
33 فصل في الاستبراء 133
34 فصل في الرضاع 136
35 فصل في نفقة القريب والرقيق والبهائم 139
36 فصل في النفقة 142
37 فصل في الحضانة 148
38 كتاب الجنايات 152
39 فصل في الدية 160
40 فصل في القسامة 172
41 كتاب الحدود 177
42 فصل في حد القدف 183
43 فصل في حد شارب المسكر من خمر وغيره 186
44 فصل في حد السرقة الواجب بالنص والإجماع 189
45 فصل في قاطع الطريق 196
46 فصل في حكم الصيال وما تتلفه البهائم 199
47 فصل في قتال البغاة 202
48 فصل في الردة 205
49 فصل في تارك الصلاة 207
50 كتاب أحكام الجهاد 210
51 فصل في قسم الغنيمة 216
52 فصل في قسم الفئ 220
53 فصل في الجزية 222
54 كتاب الصيد والذبائح 228
55 فصل في الأطعمة 233
56 فصل في الأضحية 239
57 فصل في العقيقة 244
58 كتاب السبق والرمي 246
59 كتاب الايمان والنذور 250
60 فصل في النذور 256
61 كتاب الأقضية والشهادات 260
62 فصل في القسمة 271
63 فصل في الدعوى والبينات 274
64 فصل في الشهادات 279
65 فصل والحقوق ضربان حق الله تعالى وحق الآدمي 282
66 كتاب العتق 288
67 فصل في الولاء 293
68 فصل في التدبير 295
69 فصل في الكتابة 298
70 فصل في أمهات الأولاد 302