الثاني: أن تكون الإجارة واقعة على عمل في الذمة فيكون العمل المستأجر عليه دينا في ذمته كسائر الديون، فإن كانت على النحو الأول فقد تكون الإجارة على جميع منافعه في مدة معينة، وحينئذ لا يجوز له في تلك المدة العمل لنفسه ولا لغيره لا تبرعا ولا بإجارة، ولا بجعالة، نعم لا بأس ببعض الأعمال التي تنصرف عنها الإجارة ولا تشملها ولا تكون منافية لما شملته، كما أنه إذا كان مورد الإجارة أو منصرفها الاشتغال بالنهار مثلا فلا مانع من الاشتغال ببعض الأعمال في الليل له أو لغيره تبرعا أو بإجارة أو جعالة إلا إذا أدى إلى ضعفه في النهار عن القيام بما استؤجر عليه، فإذا عمل في المدة المضروبة في الإجارة بعض الأعمال المشمولة لها فإن كان العمل نفسه تخير المستأجر بين فسخ الإجارة واسترجاع تمام الأجرة وبين امضاء الإجارة ومطالبته بقيمة العمل الذي عمله لنفسه وكذا إذا عمل لغيره تبرعا، نعم يحتمل أن له أيضا حينئذ مطالبة غيره بقيمة العمل الذي استوفاه فيتخير بين أمور ثلاثة، ولا يخلو من وجه، وأما إذا عمل لغيره بعنوان الإجارة أو الجعالة فله الخيار بين الأمرين المذكورين أولا وبين امضاء الإجارة أو الجعالة وأخذ الأجرة أو الجعل المسمى فيها، ويحتمل قريبا أن له مطالبة غيره على ما عرفت فيتخير بين أمور أربعة. ثم إذا اختار المستأجر فسخ الإجارة الأولى - في جميع الصور المذكورة، ورجع بالأجرة المسماة فيها، وكان قد عمل الأجير بعض العمل للمستأجر - كان له عليه أجرة المثل، هذا إذا كان الإجارة واقعة على جميع منافعه، أما إذا كانت على خصوص عمل بعينه - كالخياطة - فليس له أن يعمل ذلك العمل لنفسه ولا لغيره لا تبرعا ولا بإجارة ولا بجعالة، فإذا خالف وعمل لنفسه تخير المستأجر بين الأمرين السابقين، وإن عمل لغيره تبرعا تخير بين الأمور الثلاثة، وإن عمل لغيره بإجارة أو جعالة تخير بين الأمور
(١٠٥)