لنفسه وعلى أنه مالكه.
وأما إذا استأجره لإخراج شئ من المعدن فإنه ينظر: فإن استأجره مدة معلومة صحت الإجارة، وإن كان العمل معلوما مثل أن يقول: تحفر لي كذا ذراعا، صح ذلك إذا كانت الأجرة معلومة، فأما إذا استأجره لذلك وجعل أجرته جزء مما يخرجه من المعدن، مثل أن يقول: لك ثلثه أو دونه، فإن الإجارة فاسدة، لأن الإجارة غير معلومة بل هي مجهولة، وله أجرة المثل، فإن كان ذلك بلفظ الجعالة، وجعل له بعض ما يخرجه مثل أن يقول: إن أخرجت منه شيئا فلك نصفه أو ثلثه، فإنه لا يجوز لأنه الذي جعل له مجهول المقدار، وإن جعله معلوما فقال: إن أخرجت منه كذا فلك عشرة دراهم، صح ذلك، كما لو قال:
من جاء بعبدي أو إن جئت بعبدي فله دينار، صح ذلك.
الآبار على ثلاثة أضرب: ضرب يحفره في ملكه، وضرب يحفره في الموات ليملكها، وضرب يحفره في الموات لا للتملك، فأما ما يحفره في ملكه فإنما هو نقل ملكه إلى ملكه لأنه ملك المحل قبل الحفر، والثاني إذا حفر في الموات ليتملكها فإنه يملكها بالإحياء، والأحياء أن يبلغ الماء لأن ذلك نيلها، فإذا بلغ نيل ما أراد ملك، وقبل أن يبلغ الماء يكون ذلك تحجيرا كما قلنا في المعادن الباطنة أن تحجيره ما لم يبلغ النيل، فإذا بلغ النيل كان ذلك إحياء وملكه.
فإذا ثبت هذا فالماء الذي يحصل في هذين الضربين هل يملك أما لا؟ قيل فيه وجهان: أحدهما أنه يملكه، وهو الصحيح، والثاني أنه لا يملكه، لأنه لو ملكه لم يستبح بالإجارة، وإنما قلنا إنه مملوك لأنه نماء في ملكه مثل ثمرة الشجرة وهو معدن ظاهر مثل سائر المعادن، وإنما يستباح بالإجارة لأنه لا ضرر على مالكه، لأنه يستخلفه في الحال بالنبع، وما لا ضرر عليه فليس له منعه منه مثل الاستظلال بحائطه.
فإذا قلنا إنه مملوك فليس لأحد أن يأخذه إلا بإذن، وإن أخذه كان عليه رده، وإنما يجوز للمستأجر لأنه لا بد له منه، ومن قال لا يملكه قال: ليس لأحد أن