وهذه الطبرية العتق. فجاء الاسلام، وهى كذلك. فلما كانت بنو أمية وأرادوا ضرب الدراهم نظروا في العواقب. فقالوا إن هذه تبقى مع الدهر، وقد جاء فرض الزكاة: (ان في كل مائتين، أو في كل خمس أواقي خمسة دراهم. والأوقية أربعون) فأشفقوا ان جعلوها كلها على مثال السود.
ثم فشا فشوا بعد، لا يعرفون غيرها: أن يحملوا معنى الزكاة على أنها لا تجب حتى تبلغ تلك السود العظام مائتين عددا فصاعدا. فيكون في هذا بخس للزكوة، وأشفقوا أن جعلوها كلها على مثال الطبرية أن يحملوا المعنى على أنها إذا بلغت مائتين عددا حلت فيها الزكاة فيكون فيها اشتطاطا على رب المال، فأرادوا منزلة بينهما يكون فيها كمال الزكاة من غير إضرار بالناس، وأن يكون مع هذا موافقا لما وقت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الزكاة.
قال: وانما كان قبل ذلك يزكونها شطرين من الكبار، والصغار، فلما أجمعوا على ضرب الدراهم، نظروا إلى درهم واف فإذا هو ثمانية دوانيق وإلى درهم من الصغار، فكان أربعة دوانيق، فحملوا زيادة الأكبر على نقص الأصغر، فجعلوهما درهمين متساويين كل واحد ستة دوانيق.
ثم اعتبروها بالمثاقيل ولم يزل المثقال في آباد الدهر مؤقتا محدودا، فوجدوا عشرة من هذه الدراهم التي واحدها ستة دوانيق ثم اعتبروها بالمثاقيل تكون وزان سبعة مثاقيل سواء فاجتمعت فيه وجوه ثلاثة، أنه وزن سبعة، وأنه عدل بين الصغار والكبار، وأنه موافق لسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، في الصدقة، ولا وكس فيه ولا شطط. فمضت سنة الدراهم على هذا، واجتمعت عليه الأمة فلم تختلف، ان الدرهم التام هو ستة دوانيق: فما زاد أو نقص قيل درهم زائد وناقص.
فالناس في زكاتهم بحمد الله ونعمته على الأصل الذي هو السنة والهدى، لم يزيغوا عنه، ولا التباس فيه.
وكذلك المبايعات والديات على أهل الورق وكل ما يحتاج إلى ذكرها فيه.