معيشته ووكله إلى نفسه " (1) إلى غير ما ذكر من الأخبار ولولا تسلم الحكم لأمكن أن يقال نمنع دلالة هذه الأخبار على حرمة الغش بقول لاختصاصها بالمسلمين ولفظ الناس في بعضها أمكن أن يرجع إلى المسلمين وكون اللام للعهد، نعم بعض الأخبار مطلق، ثم إن الظاهر أن الغش بما يخفى، وأما مع الظهور فلا يتحقق الغش. ويدل عليه صحيحة ابن مسلم عن أحدهما " أنه سئل عن الطعام يخلط بعضه ببعض وبعضه أجود من بعض، قال: إذا روئيا جميعا فلا بأس ما لم يغط الجيد الردي " (2) ففي صورة عدم معلومية العيب أو الرداءة إلا من قبل المايع لا إشكال في تحقق الغش ولزوم الاعلام لدفع الغش، وأما مع إمكان تفطن المشتري وعدم إعلام البايع هل يتحقق الغش أم لا، قد يستظهر الأول من هذه الصحيحة، ورواية الحلبي قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يكون عنده " لونان من الطعام سعرهما شتى، وأحدهما أجود من الآخر فيخلطهما جميعا ثم يبيعهما بسعر واحد فقال: لا يصلح له أن يفعل ذلك يغش به المسلمين حتى يبينه " (3) ورواية داود بن سرحان قال: " كان معي جرابان من مسك أحدهما رطب والآخر يابس فبدأت بالرطب فبعته، ثم أخذت اليابس أبيعه، فإذا أنا لا أعطي باليابس الثمن الذي يسوي ولا يزيدوني على ثمن الرطب فسألت أبا عبد الله عليه السلام عن ذلك أيصلح لي أن أنديه؟ قال: لا إلا أن تعلمهم، قال: فنديته، ثم أعلمتهم، قال: لا بأس به إذا أعلمتهم " (4).
أما الروايتان الأخيرتان فلا إشكال في ظهورهما في ذلك، وأما الصحيحة فظاهرها خلاف ذلك لأن ظاهرها كفاية رديتهما وعدم تغطيه الجيد الردي ولو كانا بحيث خفيا على خصوص المشتري لمسامحته في الملاحظة فالأظهر المراجعة إلى العرف وحمل