الرواية الثانية. وأما ما أجيب به عن رواية أبي بصير من جهة الدلالة ففيه أنه بعد مدخلية دخول الرجال في المشمولية للآية الشريفة فمع عدم دخول الرجال وعدم ما يقوم مقام دخول الرجال يكون خارجة، ولم تكن الآية الشريفة شاملة لها، فالعمدة عدم مقاومة هذه الأخبار لما دل على الحرمة وإبائه عن التخصيص.
وأما استثناء غناء المغنية في الأعراس فنسب إلى المشهور واستدل له بخبري أبي بصير المذكورين آنفا حيث أن إباحة الأجر لازمة لإباحة العمل، وبعد عمل الأكثر بمضمونهما ومضمون خبر آخر عنه أيضا نحوهما لا مجال لتضعيف السند، و منه يظهر أنه لا يتوجه ما ذكر آنفا من تضعيف السند لكنه يشكل الأخذ بمضمونها من جهة إباء أدلة التحريم بقول مطلق عن التخصيص.
وأما حرمة النوح بالباطل فالظاهر حرمته من جهة الباطل بمعنى الكذب وإلا فهو في نفسه ليس بمحرم، وعلى هذا التفصيل غير واحد من الأخبار، وما يظهر منه الاطلاق محمول على المقيد جمعا.
(وهجاء المؤمنين، وحفظ كتب الضلال ونسخها لغير نقص، وتعلم السحر والكهانة والقيافة والشعبذة).
فسر الهجاء بذكر المعايب بالشعر من غير قصر على المعايب التي في المهجو ويظهر من بعض أنه ذكر المعايب من غير تقيد بكونه في الشعر، وكيف كان فهو بالنسبة إلى المؤمنين حرمته مجمع عليها مضافا إلى ما دل على حرمة إيذاء المؤمن وهتك حرمته وإدخال النقص عليه، ثم إن ظاهر بعض التعميم بالنسبة إلى الفاسق المتجاهر، بناء على التعميم في معنى الهجاء واللازم منه حرمة هجاء المتجاهر بالفسق ولم أفهم وجهه فإنه على هذا لم يبق مورد لجواز الغيبة بالنسبة إلى المتجاهر بالفسق، فما معنى ما ورد من " أن من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له (1) " إلا أن يدعى أن الهجو ذكر المعايب خلاف المدح في الشعر بالخصوص، واختصاص الجواز بغير الشعر. وهو بعيد ولا دليل عليه حيث أن الاجماع بالنسبة إلى المتجاهر غير محقق والأدلة العامة لا تفرق