النصوص المستفيضة منها الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام " فقلت له: أشتري ألف درهم و دينار بألفي درهم فقال عليه السلام: لا بأس بذلك إن أبي كان أجرء على أهل المدينة مني و كأن يقول هذا فيقولون إنما هذا الفرار لو جاء رجل بدينار لم يعط ألف درهم ولو جاء بألف درهم لم يعط ألف دينار، فكأن يقول: نعم الشئ الفرار من الحرام إلى الحلال " (1).
وفي آخر عنه عليه السلام قال: " كان محمد بن المنكدر يقول لأبي جعفر عليه السلام: يا أبا جعفر رحمك الله والله إنا لنعلم أنك لو أخذت دينارا والصرف ثمانية عشر فدرت المدينة على أن تجد من يعطيك عشرين ما وجدته وما هذا الفرار وكان أبي يقول: صدقت والله ولكنه فرار من الباطل إلى حق " (2) وفي ثالث عنه عليه السلام أيضا " لا بأس بألف درهم ودرهم بألف درهم ودينارين إذا دخل فيها ديناران أو أقل أو أكثر فلا بأس " (3) وقد يقال: هذا من باب انصراف كل جنس إلى مخالفه كما أنه إذا كانت الزيادة في أحدهما تنصرف إلى الجنس المخالف في الطرف الآخر لكنه خلاف قصد المتعاقدين وخلاف العرف فإن مقتضاه كل جزء من المثمن بجزء من الثمن بحسب القيمة فهو تنزيل تعبدي بالنسبة إلى خصوص الربا والفرار منه لا بالنسبة إلى سائر الأحكام فإذا كانا لمالكين لا يكون لكل منهما ما يخالف جنسه بل على حسب الحكم العرفي وكذا بالنسبة إلى حكم الصرف فلو باع فضة ونحاسا بفضة ونحاس لا يخرج عن حكم الصرف من حيث لزوم القبض في المجلس بدعوى أن المقابلة بين الفضة والنحاس فلا يكون من الصرف، ويمكن أن يقال: الظاهر أن نفس المعاملة مع قطع النظر عن حكم الشارع كان فرارا من الربا بنظر أهل المدينة فأجيبوا على ما في الخبر " نعم الشئ الفرار - الخ " فكأنهم توجهوا إلى أنه في غير هذا المقصد لا يقدم أحد على هذه المعاملة فإقدامه هنا يكون بقصد الفرار فأجيبوا بأنه لا بأس، فهذا نظير تزويج الرئيس إحدى بناته خادمه لحصول المحرمية مع أهل بيته حيث إنه لولا هذه الجهة ما كان