هذا مع عدم اختلاف البلاد، وأما مع الاختلاف فيشكل من جهة أن قوله عليه السلام على المحكي " كل ما يكال أو يوزن فلا يصلح مثلين بمثل " هل النظر إلى أن يكون مكيلا أو موزونا بحسب النوع فمع الاختلاف والتساوي لا يشمله الدليل بل مع عدم التساوي أيضا أو يكون النظر إلى الاتصاف الفعلي ولو لم يكن بحسب النوع والظاهر الأول فإن الشئ الذي يوزن في بعض البلاد ويعد في البعض الآخر لو سئل بأنه موزون أو معدود لا يقال: إنه موزون ولا يقال: إنه معدود بل يقال: هو موزون ومعدود. وعلى هذا فلا يبقى موردا للشك حتى يتمسك باستصحاب الحكم السابق أو التمسك بالعموم في الشبهة المصداقية، ولكن لا يمكن التخطي عما هو المشهور من أن ما هو موزون أو مكيل في بعض البلاد يجري فيه الربا في خصوص ذلك البلد، وإن لم يجر في البلد الآخر من جهة عدم كونه مكيلا ولا موزونا، والتصويران المذكوران في توجيه القول المعروف أما الأول منهما فلا إشكال في عدم صحته من جهة أنه إلغاء لوصفي الكيل والوزن وأما الثاني فغاية ما يوجه به الانصراف ولا يخفى الاشكال فيه. ألا ترى أن المسافرة في الأعصار السابقة كانت بالمشي أو الركوب بتلك المراكب المعهودة، فهل يمكن أن يقال:
إن المسافرة بالمراكب المستحدثة يكون دليل القصر منصرفا عنها وقد أورد على المشهور بأنه على فرض تمامية ما ذكروه فمع الشك والجهل لا بد من الرجوع إلى العمومات أو الأصل وهو عدم الحرمة لأن المفروض اختصاص الربا بما كان في عصر النبي صلى الله عليه وآله مكيلا أو موزونا ولم يعلم ولا تصل النوبة إلى الرجوع إلى عادة البلدان، ولا وجه لما تمسك به من استصحاب الحال الفعلي إلى زمان الخطاب ويعبر عنه بالاستصحاب القهقرى الذي طريق تصحيحه أن يقال: الأصل بقاء ما كان معتادا في زمانه صلى الله عليه وآله إلى هذا الزمان ولازمه كون زمانه صلى الله عليه وآله كما هو فعلا من اتفاق البلدان فيه على كذا أو اختلافها إذ هو أصل مثبت، نعم يمكن أن يقرر الاستصحاب على وجه آخر وهو أن يقال: المراد من قوله عليه السلام على المحكي " لا تنقض اليقين بالشك " صعودا ونزولا لكنه أيضا على فرضه لا يخرج عن كونه مثبتا وإن أراد منه أصالة تشابه الأزمان فلا دليل عليها خصوصا مع عدم الظن ويمكن أن يقال الرجوع إلى العمومات مبني على