أطفأ اللَّه به نار الحرب وصان وجوه المسلمين من الجهاد والكرب وخلّصهم من هيجان المخاطرة بالنفوس والرؤوس وعتقها من رق الغزو والبؤس لشرف أهل المباهلة الموصوفين فيها بصفاته. ومن آياته أن البيان واللسان والجنان اعترفوا بالعجز عن كمال كراماته» «١».
قال الفخر الرازي: «كان في الريّ رجلٌ يقال له: محمود بن الحسن الحمصي، وكان معلم الاثني عشرية، وكان يزعم أن علياً رضي اللَّه عنه أفضل من جميع الأنبياء سوى محمّد عليه السّلام، قال: والذي يدلّ عليه قوله تعالى «وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ» «وَأَنفُسَنَا» نفس محمّد صلى اللَّه عليه وسلّم لأن الانسان لا يدعو نفسه، بل المراد به غيره، وأجمعوا على أن ذلك الغير كان علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه فدلت الآية على ان نفس علي هي نفس محمّد، ولا يمكن أن يكون المراد منه، أن هذه النفس هي عين تلك النفس، فالمراد ان هذه النفس مثل تلك النفس، وذلك يقتضي الاستواء في جميع الوجوه، ترك العمل بهذا العموم في حق النبوة، وفي حق الفضل لقيام الدلائل على أن محمّداً عليه السلام كان نبياً، وما كان علي كذلك، ولانعقاد الاجماع على أن محمّداً عليه السّلام كان أفضل من علي رضي اللَّه عنه، فيبقى فيما وراءه معمولًا به ثم الاجماع على أن محمّداً عليه السلام كان أفضل من سائر الأنبياء عليهم السلام، فيلزم أن يكون علي أفضل من سائر الأنبياء، فهذا وجه الاستدلال بظاهر هذه الآية.
ثم قال: ويؤيد الاستدلال بهذه الآية، الحديث المقبول عند الموافق والمخالف، وهو قوله عليه السلام: «من أراد أن يرى آدم في علمه، ونوحاً في