قادتنا كيف نعرفهم - آية الله العظمى السيد محمد هادي الحسيني الميلاني - ج ٤ - الصفحة ٣٤٤
يا فتح، عسى الشيطان أراد اللبس عليك، فأوهمك في بعض ما أودعتك وشكك في بعض ما أنبأتك حتى أراد إزالتك عن طريق اللَّه وصراطه المستقيم، فقلت متى أيقنت أنهم كذا فهم أرباب، معاذ اللَّه انّهم مخلوقون مربوبون مطيعون للَّه داخرون راغبون. فإذا جاءك الشيطان من قبل ما جاءك فاقمعه بما أنبأتك به.
فقلت له: جعلت فداك فرّجت عني وكشفت ما لبّس الملعون علي بشرحك فقد كان أوقع في خلدي انكم أرباب، قال: فسجد أبو الحسن وهو يقول في سجوده: راغماً لك يا خالقي، داخراً خاضعاً، قال: فلم يزل كذلك حتى ذهب ليلي.
ثمّ قال: يا فتح كدت أن تهلك وتهلك، وما ضرّ عيسى إذا هلك من هلك، فاذهب إذا شئت رحمك اللَّه.
قال: فخرجت وأنا فرح بما كشف اللَّه عني من اللبس بأنهم هم، وحمدت اللَّه على ما قدرت عليه، فلما كان في المنزل الآخر دخلت عليه وهو متّك وبين يديه حنطة مقلوة يعبث بها وقد كان أوقع الشيطان في خلدي انه لا ينبغي أن ياكلوا ويربوا، إذ كان ذلك آفة والإمام غير مؤف.
فقال: اجلس يا فتح فان لنا بالرسل أسوة، كانوا يأكلون ويشربون ويمشون في الأسواق، وكلّ جسم مغذوّ بهذا الّا الخالق الرازق لأنه جسّم الاجسام ولم يجسّم ولم يجزّأ بتناه ولم يتزايد ولم يتناقص مبرّأ من ذاته ما ركّب في ذات من جسمه. الواحد الأحد، الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولو يكن له كفواً أحدٌ، منشى ء الأشياء، مجسّم الأجسام وهو السميع العليم، اللطيف الخبير الرؤوف الرحيم تبارك وتعالى عما يقول الظالمون علوّاً كبيراً.
لو كان كما وصف لم يعرف الرب من المربوب ولا الخالق من المخلوق ولا
(٣٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 339 340 341 342 343 344 345 346 347 348 349 ... » »»
الفهرست