اعتل أبو الحسن عليه السّلام فدخلنا طوس وقد اشتدت به العلة، فبقينا بطوس اياماً، فكان المأمون يأتيه في كل يوم مرتين، فلما كان في آخر يومه الذي قبض فيه كان ضعيفاً في ذاك اليوم، فقال لي بعد ما صلى الظهر: يا ياسر ما اكل الناس شيئاً، قلت: يا سيدي من يأكل ها هنا مع ما أنت فيه، فانتصب عليه السّلام، ثم قال:
هاتوا المائدة ولم يدع من حشمه أحداً الّا أقعده معه على المائدة يتفقد واحداً واحداً، فلما أكلوا، قال: ابعثوا الى النساء بالطعام فحمل الطعام الى النساء فلما فرغوا من الأكل أغمي عليه وضعف، فوقعت الصيحة، وجاءت جواري المأمون ونساؤه حافيات حاسرات ووقعت الوحية «1» بطوس، وجاء المأمون حافياً حاسراً يضرب على رأسه ويقبض على لحيته ويتأسف ويبكي وتسيل دموعه على خديه، فوقف على الرضا عليه السّلام وقد أفاق، فقال: يا سيدي واللَّه ما ادري أي المصيبتين اعظم علي؟ فقدي لك وفراقي اياك أو تهمة الناس لي اني اغتلتك وقتلتك قال: فرفع طرفه اليه، ثم قال: احسن يا أميرالمؤمنين معاشرة أبي جعفر عليه السّلام فان عمرك وعمره هكذا وجمع بين سبابتيه، قال: فلما كان من تلك الليلة قضى بعد ما ذهب من الليل بعضه، فلما أصبح اجتمع الخلق، وقالوا: ان هذا قتله واغتاله يعنون المأمون وقالوا: قتل ابن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم القول والجلبة، وكان محمّد بن جعفر بن محمّد استأمن الى المأمون وجاء الى خراسان وكان عم أبي الحسن عليه السّلام. فقال المأمون: يا أبا جعفر اخرج الى الناس واعلمهم ان أبا الحسن لا يخرج اليوم وكره أن يخرجه فتقع الفتنة، فخرج محمّد بن جعفر الى الناس فقال: أيها الناس تفرقوا فان أبا الحسن لا يخرج اليوم،