زين العابدين علي وجاء هذا علي الرضا ثالثهما، ومن أمعن نظره وفكره وجده في الحقيقة وارثهما فيحكم كونه ثلاث العليين، نمى ايمانه وعلا شأنه، وارتفع مكانه واتسع امكانه وكثر أعوانه، وظهر برهانه حتى أحلّه الخليفة المأمون محلّ مهجته، وأشركه في مملكته، وفوّض اليه أمر خلافته وعقد له على رؤوس الاشهاد عقد نكاح ابنته، وكانت مناقبه علية وصفاته الشريفة سنية ومكارمه حاتميّة وشنشنة اخزميّة وأخلاقه عربية، ونفسه الشريفة هاشمية، وارومته الكريمة نبوية، فمهما عدّ من مزاياه كان أعظم منه، ومهما فصّل من مناقبه كان أعلى رتبة عنه» «1».
وقال العلامة سبط ابن الجوزي الحنفي: «أبو الحسن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ويلقب بالولي والوفي، وأمه أم ولد تسمى الخيزران.
قال الواقدي سمع علي الحديث من أبيه وعمومته وغيرهم وكان ثقةً، يفتي بمسجد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وهو ابن نيف وعشرين سنة، وهو من الطبقة الثامنة من التابعين من أهل المدينة» «2».
وقال الشبلنجي الشافعي: «قال إبراهيم بن العبّاس: ما رأيت الرضا سئل عن شي ء الّا علمه ولا رأيت أعلم منه بما كان في الزمان الى وقت عصره، وكان المأمون يمتحنه بالسؤال من كل شي ء فيجيبه الجواب الشافي، وكان قليل النوم كثير الصوم لا يفوته صوم ثلاثة أيام من كل شهر ويقول: ذلك صيام الدهر، وكان كثير المعروف والصدقة، وأكثر ما يكون ذلك منه في الليالي المظلمة، وكان جلوسه في