والمحدثون في كتبهم.
وقال عبد الكريم الخطيب: «لم يذكر المؤرخون- على وجه التحديد- السنة التي ضم فيها إلى جناح النبي، وسكن فيها إلى بيت النبوة، ولكن المقطوع به أن ذلك كان بعد أن تزوج النبي بالسيدة خديجة وانتقل من دار عمه ابي طالب إلى بيت الزوجية الجديد.
فقد كان الرسول- قبل أن يتزوج- يعيش مع عمه أبي طالب، ومع امرأة عمه فاطمة ومع اولاد عمه من بنين وبنات، وكان يجد في هذه الأسرة رعاية الوالد، وحنان الأم، وانس الأخوة، فأنساه ذلك مرارة اليتم ووحشته وعزلته.
والحق أن عمه أبا طالب وامرأة عمه «فاطمة» كانا له أكثر من أبوين، يؤثرانه على أبنائهما بالمودة والرعاية، ويفيضان عليه من عطفهما وبرهما بما لم يظفر به ابن من أبويه وذلك غير مستغرب ولا مستبعد، من أي انسان يرى «محمّداً» ويتصل به، ويعيش معه فليس بمنكر اذن ما يروى من الأخبار التي تحدث عن تعلق أبي طالب وزوجته بمحمد وإيثارهما اياه على ابنائهما، اذ فضلًا عن عاطفة القرابة التي تجمع بين محمّد وعمه وامرأة عمه وفضلًا عن ثوب اليتم الذي لبسه محمّد في بطن أمه، وما يثير هذا اليتم من مشاعر الرحمة والحنو، فإن ما اشتمل عليه محمّد من شمائل وما جمله اللَّه به من سجايا، لهو شي ء عظيم رائع تتملاه العيون خاشعة وتقف إزاءه العقول مقدرة مفكرة لا تدري لهذا الجلال سراً ولا تعرف لتلك الوضاءة وهذا البهاء تأويلًا، الا انّه شي ء واقع محسوس، لا شك فيه ولا امتراء، فمحمّد قبل النبوة هو محمّد النبي، في كمال ادبه وعظمة خلقه وسماحة نفسه ولين جانبه وعفة لسانه ويده.
فلا عجب ان يكون «محمّد» في بيت عمه، في هذا المكان المكين الذي كان له من عمه وامرأة عمه وابناء عمه، وقد رأى «محمّد» حين انتقل من بيت عمه إلى