عن الحق، واما طول الأمل فينسي الآخرة، ألا ان الدنيا قد ترحّلت مدبرة والآخرة ترحّلت مقبلة، ولكل واحدة منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، اليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل. الحمد للَّه الذي نصر وليه وخذل عدوه واعز الصادق المحق، وأذلّ الناكث المبطل، عليكم بتقوى اللَّه وطاعة من اطاع اللَّه من أهل بيت نبيكم، الذين هم أولى بطاعتكم فيما أطاعوا اللَّه فيه، من المنتحلين المدعوين المقابلين الينا، يتفضلون بفضلنا، ويجاهدونا أمرنا، وينازعونا حقنا، ويدافعونا عنه، فقد ذاقوا وبال ما اجترحوا فسوف يلقون غيا، ألا انّه قد قعد عن نصرتي منكم رجال فانا عليهم عاتب زار، فاهجروهم واسمعوهم ما يكرهون حتى يعتبوا، ليعرف بذلك حزب اللَّه عند الفرقة» «1».
وروى بسنده عن عامر الشعبي: «ان شرحبيل بن السمط بن جبلة الكندي دخل على معاوية فقال: أنت عامل أميرالمؤمنين وابن عمه، ونحن المؤمنون، فان كنت رجلًا تجاهد علياً وقتلة عثمان حتى ندرك بثأرنا أو تفنى أرواحنا استعملناك علينا، والّا عزلناك واستعملنا غيرك ممن نريد، ثم جاهدنا معه حتى ندرك بدم عثمان أو نهلك. فقال جرير: يا شر حبيل، مهلا فان اللَّه قد حقن الدماء، ولمّ الشعب وجمع أمر الأمة، ودنا من هذه الأمة سكون، فاياك أن تفسد بين الناس، وأمسك عن هذا القول، قبل أن يظهر منك قول لا تستطيع رده، قال: لا واللَّه لا اسره ابداً،