موضوعها ومحمولها (1)، فإنا إذا تصورنا الماهية بما أنها ممكنة تستوي نسبتها إلى الوجود والعدم وتوقف ترجح أحد الجانبين لها وتلبسها به على أمر وراء الماهية لم نلبث دون أن نصدق به، فاتصاف الممكن بأحد الوصفين - أعني الوجود والعدم - متوقف على أمر وراء نفسه، ونسميه: (العلة) لا يرتاب فيه عقل سليم. وأما تجويز اتصافه - وهو ممكن مستوي النسبة إلى الطرفين - بأحدهما لا لنفسه ولا لأمر وراء نفسه فخروج عن الفطرة الإنسانية (2).
وهل علة حاجته إلى العلة هي الإمكان أو الحدوث (3)؟
قال جمع من المتكلمين (4) بالثاني.
والحق هو الأول، وبه قالت الحكماء، واستدلوا عليه (5) بأن الماهية باعتبار وجودها ضرورية الوجود وباعتبار عدمها ضرورية العدم، وهاتان ضرورتان بشرط المحمول، والضرورة مناط الغنى عن العلة والسبب. والحدوث هو كون