خلاف الجوهر الموجود في نفسه.
الثالث: المعنى التصوري أو التصديقي الذي لا تحقق له فيما وراء ظرف العمل. ومآل الاعتبار بهذا المعنى إلى استعارة المفاهيم النفس الأمرية الحقيقية بحدودها لأنواع الأعمال، التي هي حركات مختلفة ومتعلقاتها للحصول على غايات حيوية مطلوبة، كاعتبار الرئاسة لرئيس القوم ليكون من الجماعة بمنزلة الرأس من البدن في تدبير أموره وهداية أعضائه إلى واجب العمل، واعتبار المالكية لزيد مثلا بالنسبة إلى ما حازه من المال ليكون له الإختصاص بالتصرف فيه كيف شاء، كما هو شأن المالك الحقيقي في ملكه، كالنفس الإنسانية المالكة لقواها، واعتبار الزوجية بين الرجل والمرأة ليشترك الزوجان في ما يترتب على المجموع، كما هو الشأن في الزوج العددي، وعلى هذا القياس.
ومن هنا يظهر أن هذه المعاني الاعتبارية لا حد لها ولا برهان عليها.
أما أنها لا حد لها، فلأنها لا ماهية لها داخلة في شئ من المقولات، فلا جنس لها، فلا فصل لها، فلا حد لها. نعم لها حدود مستعارة من الحقائق التي يستعار لها مفاهيمها (1).
وأما أنها لا برهان عليها، فلأن من الواجب في البرهان أن تكون مقدماتها ضرورية دائمة كلية. وهذه المعاني لا تتحقق إلا في قضايا حقة تطابق نفس الأمر، وأنى للمقدمات الاعتبارية ذلك وهي لا تتعدى حد الدعوى؟! ويظهر أيضا أن القياس الجاري فيها جدل مؤلف من المشهورات والمسلمات، والمقبول منها ما له أثر صالح بحسب الغايات، والمردود منها اللغو الذي لا أثر له.