الشك في حال من الأحوال كضرورة ثبوت الشئ لنفسه وامتناع سلبه عن نفسه، وليبالغ في تفهيم معاني أجزاء القضايا، وليؤمر أن يتعلم العلوم الرياضية.
وهناك طائفتان من الشكاكين دون من تقدم ذكرهم. فطائفة يسلمون الإنسان وإدراكاته ويظهرون الشك في ما وراء ذلك، وطائفة أخرى تفطنوا بما في قولهم:
(نحن وإدراكاتنا) من الاعتراف بأن للواحد منهم علما بوجود غيره من الأناسي وإدراكاتهم، ولا فرق بين هذا العلم وبين غيره من الإدراكات في خاصة الكشف عما في الخارج فبدلوا الكلام من قولهم: (أنا وإدراكاتي).
ويدفعه: أن الإنسان ربما يخطأ في إدراكاته، كخطأ الباصرة واللامسة وغيرها من أغلاط الفكر، ولولا أن هناك حقائق خارجية يطابقها الادراك أو لا يطابقها لم يستقم ذلك، على أن كون إدراك النفس وإدراك إدراكاتها إدراكا علميا، وكون ما وراء ذلك من الإدراكات شكوكا مجازفة بينة.
ومن السفسطة قول القائل: (إن الذي يفيده البحث التجربي أن المحسوسات بما لها من الوجود الخارجي ليست تطابق صورها التي في الحس، وإذ كانت العلوم تنتهي إلى الحس فلا شئ من المعلوم يطابق الخارج بحيث يكشف عن حقيقة).
ويدفعه: أنه إذا كان الحس لا يكشف عن حقيقة المحسوس على ما هو عليه في الخارج وسائر العلوم منتهية إلى الحس، حكمها حكمه، فمن أين ظهر أن الحقائق الخارجية على خلاف ما يناله الحس؟ والمفروض أن كل إدراك حسي أو منته إلى الحس، ولا سبيل للحس إلى الخارج. فمآل القول إلى السفسطة، كما أن مآل القول بأن الصور الذهنية أشباح للأمور الخارجية إلى السفسطة.
ومن السفسطة أيضا قول القائل: (إن ما نعده علوما ظنون ليست من العلم المانع من النقيض في شئ).
ويدفعه: أن هذا القول: (إن ما نعده علوما ظنون)، بعينه قضية علمية، ولو كان ظنيا لم يفد أن العلوم ظنون، بل أفاد الظن بأنها ظنون، فتأمله واعتبر.
وكذا قول القائل: (إن علومنا نسبية مختلفة باختلاف شرائط الوجود، فهناك