المعلوم كون مفهوم المقولة مأخوذا في العلم - أي صدقت المقولة عليه بالحمل الأولي دون الحمل الشايع الذي هو الملاك في اندراج الماهية تحت المقولة وترتب الآثار التي منها كون الوجود لنفسه أو لغيره - فلا الجوهر الذهني من حيث هو ذهني جوهر بالحمل الشائع موجود لنفسه، ولا العرض الذهني من حيث هو ذهني عرض بالحمل الشائع موجود لغيره. وبالجملة لا معنى لاتحاد العاقل وهو موجود خارجي مترتب عليه الآثار بالمعقول الذهني الذي هو مفهوم ذهني لا تترتب عليه الآثار.
وأما العلم الحضوري فلا يخلو إما أن يكون المعلوم فيه نفس العالم كعلمنا بنفسنا أم لا. وعلى الثاني إما أن يكون المعلوم علة للعالم أو معلولا للعالم أو هما معلولان لأمر ثالث. أما علم الشئ بنفسه فالمعلوم فيه عين العالم ولا كثرة هناك حتى يصدق الاتحاد وهو ظاهر. وأما علم العلة بمعلولها أو علم المعلول بعلته فلا ريب في وجوب المغايرة بين العلة والمعلول، وإلا لزم تقدم الشئ على نفسه بالوجود وتأخره عن نفسه بالوجود وهو ضروري الاستحالة. وأما علم أحد معلولي علة ثالثة بالآخر فوجوب المغايرة بينهما في الشخصية يأبى الاتحاد، على أن لازم الاتحاد كون جميع المجردات وكل واحد منها عاقلا للجميع ومعقولا للجميع شخصا واحدا.
قلنا: أما ما استشكل به في العلم الحصولي، فيدفعه ما تقدم (1) أن كل علم حصولي ينتهي إلى علم حضوري، إذ المعلوم الذي يحضر للعالم حينئذ موجود مجرد بوجوده الخارجي الذي هو لنفسه أو لغيره.
وأما ما استشكل به في العلم الحضوري، فليتذكر أن للموجود المعلول اعتبارين: اعتباره في نفسه - أي مع الغض عن علته - فيكون ذا ماهية ممكنة موجودا في نفسه طاردا للعدم عن ماهيته يحمل عليه وبه، واعتباره بقياس