ثم عمموا ذلك فاعتبروه في مورد الشرف والفضل والخسة وما يشبه ذلك مما يكون فيه زيادة من المعنويات، كتقدم العالم على الجاهل، والشجاع على الجبان، فباعتبار النوع بآثار كماله مبدأ مثلا يختلف في النسبة إليه العالم والجاهل، والشجاع والجبان، ويسميان: (تقدما وتأخرا بالشرف).
وانتقلوا أيضا إلى التقدم والتأخر الزمانيين بما أن الجزئين من الزمان كاليوم والأمس يشتركان في حمل قوة الأجزاء اللاحقة، لكن ما لأحدهما - وهو اليوم - من القوة المحمولة محمولة للآخر - وهو الأمس -، ولا عكس، لأن الأمس يحمل قوة اليوم بخلاف اليوم، فإنه يحمل فعلية نفسه، والفعلية لا تجامع القوة. ولذا كان الجزءان من الزمان لا يجتمعان في فعلية الوجود. فبين أجزاء الزمان تقدم وتأخر لا يجامع المتقدم منها المتأخر، بخلاف سائر أقسام التقدم والتأخر. وكذا بين الحوادث التي هي حركات منطبقة على الزمان تقدم وتأخر زماني بتوسط الزمان الذي هو تعينها، كما أن للجسم الطبيعي الإمتدادات الثلاثة بتوسط الجسم التعليمي الذي هو تعينه.
وقد تنبهوا بذلك إلى أن في الوجود أقساما أخر من التقدم والتأخر الحقيقيين، فاستقرؤها (1)، فأنهوها - أعم من الاعتبارية والحقيقية - إلى تسعة أقسام (2):