فملاك التقدم والتأخر بالرتبة هو النسبة إلى المبدأ المحدود، كاشتراك الإمام والمأموم في النسبة إلى المبدأ المفروض من المحراب أو الباب مع تقدم الإمام لو كان المبدأ المفروض هو المحراب، وتقدم المأموم لو كان هو الباب في الرتبة الحسية، وكتقدم كل جنس على نوعه في ترتب الأجناس والأنواع إن كان المبدأ المفروض هو الجنس العالي، وتقدم كل نوع على جنسه إن كان الأمر بالعكس.
وملاك التقدم والتأخر بالشرف اشتراك أمرين في معنى من شأنه أن يتصف بالفضل والمزية أو بالرذيلة، كاشتراك الشجاع والجبان في الإنسانية التي من شأنها أن تتصف بفضيلة الشجاعة، فللشجاع ما للجبان، ولا عكس. ومثله تقدم الأرذل على غيره في الرذالة.
وملاك التقدم والتأخر بالزمان هو اشتراك جزءين مفروضين منه في وجود متقض متصرم مختلط فيه القوة والفعل بحيث يتوقف فيه فعلية أحدهما على قوته مع الآخر، فالجزء الذي معه قوة الجزء الآخر هو المتقدم، والجزء الذي بخلافه هو المتأخر، كاليوم والغد، فإنهما مشتركان في وجود كمي غير قار تتوقف فعلية الغد على تحقق قوته مع اليوم، بحيث إذا وجد الغد بالفعل فقد بطلت قوته وانصرم اليوم، فاليوم متقدم والغد متأخر بالزمان. وبملاك التقدم والتأخر الزمانيين يتحقق التقدم والتأخر بين الحوادث الزمانية بتوسط الزمان، لما أنها حركات ذوات أزمان.
وملاك التقدم والتأخر بالطبع هو الوجود، ويختص المتقدم بأن لوجود المتأخر توقفا عليه بحيث لو لم يتحقق المتقدم لم يتحقق المتأخر من غير عكس.
وهذا كما في التقدم في العلة الناقصة التي يرتفع بارتفاعها المعلول ولا يلزم من وجودها وجوده.
وعن شيخ الاشراق: (أن التقدم والتأخر بالزمان من التقدم والتأخر بالطبع، لأن مرجعه بالحقيقة إلى توقف وجود الجزء المتأخر على وجود المتقدم بحيث يرتفع بارتفاعه (1).