وأما القول الثاني المنسوب إلى النظام، وهو أن الجسم مركب من أجزاء لا تتجزى غير متناهية.
فيرد عليه ما يرد على القول الأول، مضافا إلى أن عدم تناهي الأجزاء على تقدير كونها ذوات حجم يوجب كون الجسم المتكون من اجتماعها غير متناهي الحجم بالضرورة، والضرورة تدفعه (1).
وأما القول الثالث المنسوب إلى ذيمقراطيس، وهو أن الجسم مركب من أجزاء صغار صلبة لا تتجزى خارجا، وإن جاز أن تتجزى وهما وعقلا.
ففيه: أن هذه الأجزاء لا محالة جواهر ذوات حجم، فتكون أجساما ذوات اتصال جوهري تتألف منها الأجسام المحسوسة، فالذي يثبته هذا القول أن هاهنا أجساما أولية هي مبادئ هذه الأجسام المحسوسة، على أن هذا القول لا يتبين به نفي الهيولي وإبطال تركب الجسم منها ومن الصورة الجسمية، وسيأتي إثباتها في الفصل التالي (2)، فيؤول إلى إثبات الصورة الجسمية للأجسام الأولية التي هي مبادئ هذه الأجسام المحسوسة، وإليها تنتهي بالتجزئة.
وأما القول الرابع المنسوب إلى الشهرستاني، وهو كون الجسم متصلا واحدا كما في الحس يقبل القسمة إلى أجزاء متناهية.