إلى نفسه، كشؤون الطب الشعبي والصيدلة والدواء العشبي، وهي أمور نبغ فيها العديد من آل الخليلي؟
أم هل يكون قد شغله الاهتمام بتتبع المراجع التراثية والفلسفية والتأريخية والفقهية بما يتناسق مع تطلعه الشعري؟ فنحن نعرف أن مدرسة الخليلي التي أنشأها جد الشاعر - وهو أحد أبرز المراجع الدينية التقليدية في النجف - كانت تجذب إليها العديد من الدارسين، وتوفر لهم مختلف المراجع والكتب التي تحتاجها الدراسة الدينية فيها، وأنها قد كانت سببا في شغف الشاعر الخليلي بالفقه، وألف فيه كتابا مطبوعا. ولكن الخليلي لم يشأ الاستمرار في دراسته، واستبدلها بما هو أقرب إلى نفسه من الميول والهوايات.
لقد كان المجتمع النجفي دائما في قلب المعارك الاستقلالية والجهادية، وله فضل الريادة فيها، لقد خاض علماؤه وأبناؤه ومناضلوه حروب التحرير في العشرينات، وكان شعراؤه لسان الثورة وملهمي المشاركين فيها بإيقاظ الحس الوطني والإسلامي كجزء من إيمانهم الفطري بمبادئ الحرية والعدالة الاجتماعية.
ولعل مما يثير الدهشة أن لا تجد الشاعر الخليلي الذي عايش حركات التحرر هذه وانتفاضاتها بكل آثارها البالغة في جميع جوانب الحياة. قد انفعل بأحداثها شعريا، بل خلا ديوانه الشعري من أية إشارة إليها. ترى هل مرد ذلك ما عرف عن الخليلي من كره للحرب وللعنف وإراقة الدماء، وميله نحو الوداعة والتسامح والتوجه السلمي المسالم؟
إن المعين الشعري الثر الغزير الانتاج، يجعل صاحبه معرضا لاحتمالات تسرب بعض عناصر الضعف إليه، وبالتالي تيسير تصيد الأخطاء فيه.
لقد ترك الشاعر الخليلي لقلمه تسجيل كل ما يرد إلى ذهنه من خواطر، معتمدا على أسلوبه المبسط والتلقائية والعفوية، والابتعاد عن التكلف في مفرداته