الابتسامة وما أدراك ما الابتسامة! تقرب البعيد، وتلين الحديد، وتيسر العسير، وتجبر الكسير، مظهر الود والصفاء، ومحطة الحقد والشقاء، أجل مظهر لسمو الأخلاق وأبرزها، وخير وسيلة لمفاتحة الكلام وأركزها، قال أمير الشعراء شوقي:
نظرة فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء.
والحقيقة أن الابتسامة هي المحك الأول لنقل الود وجلب المودة، لها الأثر الفعال في القلوب لكسب ودادها، وجلب اعتمادها، وهي في الوقت نفسه تورث في الطرفين حسن النية، ونقاء السجية، وجمال الهوية، فهي تحية الأبرياء، وشعار الأزكياء، تورث الهدوء والسكينة، وتحطم الأحقاد الدفينة، هي السبيل إلى السلام والوئام، والعقار الشافي للنزاع والخصام، لذا جاء في الأمثال العربية " إضحك تضحك لك الدنيا "، مظهر البهجة والمسرة، ومآل الخيرات والمبرة، تزيدك كالعلم بإنفاقها، وترفعك للنفوس بأشراقها، نور تنقشع بها الظلمات، وحكمة تحل بها الملمات، وثروة تتضاعف نامية، وتتسامى رابية، طرتها العقول الثاقبة، والآراء الصافية، وتحلت بها الشعوب السعيدة، والأمم المجيدة، فترى الوصية بالابتسامة شعارا في أسواقها مكتوبة، ونثارا على ثغورها موهوبة، تجذب الزبائن ببهجتها، وتدخل السرور في مهجتها، فتزيد في بركتها، وتشد في حركتها، وتغدق في نعمها، تقر المكلوم، وتسعف المهموم، وتوصل المحروم، يردها لك الصغير والكبير