هوى مراهق ومن غريب ما قال ونوادر الحب والهيام أن يهيم بصغيرة في السادسة من سنيها، وحقا كانت مكتملة الحسن والملاحة والظرافة والصباحة، ذات نسب مسدد، وحسب ممجد، فبدت لعينيه ملاكا سماويا، ونورا إلهيا، تضئ زوايا قلبه الموحش بغياهب الظلام، وتنير في روحه بوارق الهيام والغرام.
في بحبوحة الشباب الثائر وطيش من مراكب الهوى في سن مغامر، وقد أسدل على نفسه قدسية الزهد والورع، فكبت هواها عن الشهوات، ومنعها من تقحم الهفوات في اللذات، واليوم وقد تصدت له غير عامدة، وملكته غير جاهدة، وهو في ديار تكبلها جوامع الشرع الحنيف عن الانحراف والانجراف، وتوقضها مجالس الأدب الظريف للجمال والكمال، فلم يجد بدا عن تعبير ينهنه عن كمين العواقر، ويفرج عن ضميره بما هو جائز، فانبرى في شعره متمثلا ولنوازعه حاملا شكوى يبثها مخففة، وعروض يثيرها ملطفة، فقال بقصيدة منها:
علقت بها لم تبلغ الست من عمر * وأوهبتها الخفاق ذا النهي والأمر وهمت بها شوقا ووجدا ولوعة * فبان بياض الشيب في حالك الشعر أيا أخت ليلى رحمة بمتيم * فهذا أخو مجنون بالوجد والقهر صغيرة لا تدرين بالوجد والأسى * فعذرا عسى أن تدركيه على الهجر