ملحمة غرامية وهذه ملحمة غرامية أخرى بين سلمى ورياض، يشهد فيها قارئها حقائق نفسية، وعواطف أنسية، وخصائص جنسية في أجلى مظاهرها بين فتى وفتاة في عنفوان شبابهما، وفيها أرق الوصف للخوالج البشرية، والمباهج الطبيعية، وتقاليد عائلية، تتداخلها نوازع مثيرة، تتقابل فيها تلك التقاليد بالعواطف الجنسية، فيتوسل بها الفتى على أثر القهر الأبوي والكبت النفسي إلى مخرج وحل لتلك اللواعج، والحاجة أم الاختراع والابتكار، وإذا به لم يتوصل لحيلة إلا بالمشورة من صديق حكيم وخل حميم، فيدبر هذا له تدبيره، ويسره سرا يوصيه بعمله جازما، وحفظه كاتما، وهو تمارضه وإضرابه عن الطعام، وتظاهره بالحزن العميق والانعزال عن كل قريب، وإهمال نفسه في غرفته، والتناهي في وحشته، حتى يستثير المشاعر وتلين الخواطر، وأن تقوم سلمى وأمها بدورهما لعرض قضية الشرف والمس بكرامة الفتاة، وتجاوز الفتى عليها، وخداعها بالزواج من عائلة الفتى الشامخين بأنوفهم، والمتعصبين في سلوكهم، والمعتدين بأحسابهم وأنسابهم، وتهديدهم إن أبوا وامتنعوا من الزواج بإقامة الدعوى في المحاكم الجزائية، لرد الحيف، وطلب الحكم العادل بالسجن، والغرامة على المعتدي الأثيم، الناكث للعهود، والكاذب بالوعود، وردع العائلة الجائرة المتبخترة الماكرة.
فكان تدبيرا قاهرا، وتصميما ماهرا، انزوى على أثرها الشاب، وبدا عليلا،