المتناقضات إن هذا الإنسان تكتنفه المتناقضات حتى ليحسب نفسه - إذا تأمل وتبصر - أنه مجنون أدواري في مسراه، أو طائش يتبع هواه، أو مقاد مرغم في مسالك دنياه، تلك المتناقضات في الأفكار والأعمال، في القنوط والآمال، في الحياة والآجال، متعب في اللم والضم، كأنه يعمل لحياة باقية، قلما توقظه العبر، وتردعه الحقائق عن الأشباح والصور.
لطالما خامرتني الأفكار، وتجولت في شرقها وغربها، وصعدت ونزلت، فما اهتديت إلى الحقيقة، وما هي الحقيقة ليت شعري؟ فقلت ما قلت، ثم عدت مرة أخرى أبحث في أصل الوجود حتى كللت، وقلت في ذلك حتى مللت، وهيهات.
وقد سلمت أمري مقهورا عاجزا أمام القوى اللامتناهية، وإني لأبص بصيصا واجدا أثرا بعيدا، لا أحيط بكنهه، ولا أستطيع سبره، وكم بعد هذه النجمة وما حولها من نجوم؟ وعسى أن تبعد عني وعن بعضها عشرات ومئات وآلاف ملايين السنين الضوئية (1)، فأنى لي بما لا تعد ولا تحصى لمكانها عددا، ولا لزمانها أمدا، تائها في البدء والمنتهى!!
ولولا لفتة الأثر المستبين الواضح، ونصرة العقل الأمين الناصح، لتماديت في الضلال، وساءت الأحوال، فسبحان المبدع الحكيم، وله الحمد، ونسأله