كنت مأواي في الكروب واني * فيك أدركت كامل الإنسان صادق العطف والرعاية والود * لم نجدها من بعد بعدك ثاني قبر الحب مذ قبرت وحاشا * أن تري ذاك بعد في الأكوان كم وكم قد سهرت طول الليالي * وبذلت النفيس من أزمان كم لعمري شقيت دهرا لأحيى * وتكبدت في من أشجان كم تهللت مذ تبسمت فيها * وتنكدت من وعاك عراني أتراني أنساك لا ألف كلا * كيف أنسى روحي وسر مكاني * * * رثاء للعم محمد صالح الخليلي قيل إن الآباء ثلاثة: أب ولدك وأب علمك وأب زوجك.
أما أنا فلم تؤتيني الأقدار لأذكر أبا ولدني حيث استشهد وأنا دون سنتي الأولى وشاء الله أن أحض بأب رؤوف تربيت في عهد الصبا في كنفه ولمست فيه حنان الأبوة حتى بلغت مبلغ الرجال فاختار لي فتاة من أعز البيوتات وأجلها وأنزهها وبلغت بزواجي زوجة أدركت بها أمانيي وآمالي، واما هو فما بارح ذلك الأب الناصح العطوف لا أقاطعه ولا يقاطعني ويملأ قلبي إكبارا وإجلالا ومحبة وشاءت الظروف أن أفارقه وكلي شوق ولهفة للاستقرار في قربه ولا تبارحني تداعي الخواطر أن أذكره سرا وعلانية وأدعو له من أعماق قلبي حتى وافاه القدر المحتوم وأفجعني أيما فجيعة وكأني قد فقدت بفقده أمي وأخي وأعز أهلي.
وانطلقت دموعي ساخنة دون إرادتي وضاقت بي وسعة الحياة وكأني في اللحظة أشعر باليتم والمصاب الجلل حتى أنشدت فيه قائلا: