فقالت: يا سيدي كيف بايمانك وأيماني؟!!
فقال: أحلف بكل شيء حلفت به من الصدقة والعتق وغيرهما إلا تزوجتك، فتزوجها وحج ماشيا ليمينه، وشغف بها أكثر من أخيه حتى كانت تنام فيضجع رأسها في حجره ولا يتحرك حتى تتنبه، فبينما هي ذات ليلة إذ انتبهت فزعة...
فقال لها: ما لك؟!
فقالت: رأيت أخاك في المنام الساعة وهو يقول:
أخلفت وعدك بعدما * جاورت سكان المقابر ونسيتني، وحنثت في * وغدوت في الحور الغرائر فظللت في أهل البلاد * ايمانك الكذب الفواجر الصبا ونكحت غادرة أخي! * صدق الذي سماك غادر لا يهنك الإلف الجديد * ولا تدر عنك الدوائر ولحقت بي قبل الصباح * وصرت حيث غدوت صائر ... والله يا أمير المؤمنين، فكأنها مكتوبة في قلبي، ما نسيت منها كلمة.
فقال الرشيد: هذه أضغاث أحلام.
فقالت: كلا والله ما أملك نفسي... وما زالت ترتعد حتى ماتت بعد ساعة» (1). هذه الجارية كانت قد أخلفت وعدها مع الهادي، وبسبب مخالفتها لنداء الفطرة والوجدان كانت تحس بالاضطراب والقلق دائما. إن تعذيب الضمير لم يتركها لوحدها، بل كان يوجه الضربات القاسية نحوها ليلا ونهارا، في اليقظة والحلم. إلى أن لقيت حتفها على أفظع شكل.
إن الانسان معرض في كل مرحلة ومنزلة إلى الخطر من ناحية ميوله