هذا الشاب لا بد وأن تكون تغذيته الروحية ناقصة، فلم يعلم في طفولته على التحمل والصلابة والصبر، فسقوطه أحدث اختلالات كبيرة في فكره وقضى عليه أخيرا.
وكما يعجز الجسم الذي نشأ على التغذية الناقصة من مكافحة الأمراض السارية، تعجز الروح التي تربت على التغذية الروحية الناقصة عن مجابهة الحوادث المؤلمة في الحياة.
إن من يصل إلى منزلة اجتماعية لائقة ولا يقدر على أن يتمالك على نفسه من الظلم والتعدي، ومن يخسر شخصيته في مقابل الرشوة ويحكم على خلاف الحق والانصاف، ومن يسحق جميع مظاهر الشرف والأخلاق في سبيل إرضاء ميوله الجنسية، ومن يؤدي به الغنى والثروة إلى التكبر والأنانية... وبصورة موجزة: من ينحرف عن طريق الفضيلة والأخلاق في مقابل عامل روحي واحد... فذلك لأن روحه قد نشأت على التغذية الناقصة ولم تتغذ من جميع المواد الغذائية الروحية بصورة كاملة وسليمة.
قابلية المقاومة:
إن قابلية مقاومة الجسم تظهر في هجوم الأمراض السارية، وقابلية مقاومة الروح تظهر في الحوادث والمصائب التي تلاقي البشر في مختلف مراحل حياتهم. يقول الامام علي (ع) : «في تقلب الأحوال علم جواهر الرجال» (1).
وعلى سبيل الشاهد، ننقل القصة التالية:
«... بينما المنصور بن أبي عامر في بعض غزواته إذ وقف على نشز من الأرض مرتفع، فرأى جيوش المسلمين من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله قد ملأوا السهل والجبل. فالتفت إلى مقدم العسكر وهو رجل يعرف بابن المضجعي، فقال له: كيف ترى هذا العسكر أيها الوزير؟ قال: أرى