والمنع من الفوضى والمخالفات... ولا بد من معاقبة الخارجين على تلك الأنظمة لضمان حسن تنفيذها، فالخوف من العقاب هو الذي يحث الناس على الإطاعة. والنكتة الجديرة بالملاحظة أنه لا حساب ولا مقياس للعقاب في الحكومة الاستبدادية، فمن الممكن أن يؤدي استياء بسيط للحاكم إلى إعدام مئات الناس الأبرياء. هناك ليس العقاب على أساس الاجرام أو الاحكام القضائية، بل الموضوع يقوم على طبق هوى النفس والميل الشخصي للحاكم. أما في حكومة العدالة والقانون، حيث تحدد صلاحيات الحكام وأبناء الشعب (388) حسب الأنظمة العادلة، فلا مجال للأهواء والميول الشخصية للحكام في الأحكام الصادرة ... هناك لا يخاف أحد من شخص معين، غاية ما هناك أن الشخص الذي يرتكب جرما يعاقب على أسس قضائية صحيحة وعادلة متناسبة مع جريمته.
وبعبارة أخرى: إن منشأ الخوف عند الناس في الحكومة الاستبدادية هو الظلم والتعسف والاضطهاد، أما في حكومة العدالة والقانون فإن منشأ الخوف هو الجرم الذي ارتكبه الانسان واستحق العقاب عليه.
الاسلام والأمن:
إن أحسن وأرقى الحكومات العالمية المعاصرة هي الحكومة التي تسيطر القوانين العادلة على جميع شؤونها، ويعيش جميع أفراد تلك الدولة - من أي طبقة أو منزلة كانوا - آمنين في ظل العدالة والقانون بأرواح ملؤها الرفاه والسعادة والهدوء.
ولقد عمل قائد الاسلام العظيم، قبل أربعة عشر قرنا، على إرساء قواعد النظام الاجتماعي في حكومته على هذا الأساس، فقد منح العدل والأمن الروحي والهدوء النفسي لجميع الناس، وزال الخوف والاضطراب اللذين كانا يحكمان العصر الجاهلي من جراء استبداد الحكام واضطهادهم فأصبح الفرد المسلم يخاف من ذنبه فقط. ولأجل أن يتجل هذا الدور الذي يسلكه الاسلام في ضمان الأمن والهدوء للمجتمع نبسط بعض الشيء مسألة الخوف.