المقارنة بين العقل والغريزة:
يختلف العقل والغريزة من جهات عديدة. ولكننا سنقارن بين هاتين القوتين العظيمتين الإلهيتين من جوانب أربعة فقط: المناهج العملية والأساليب الغريزية في كل من الحيوانات تكون على نمط واحد ولا يوجد بينها اختلاف في ذلك. أما الانسان فإنه يملك أساليب مختلفة ومناحي متعددة في أفكاره ونشاطاته. فمثلا نجد النحلة تعيش في مناطق عديدة من الكرة الأرضية، وتعتبر الخلية بمنزلة دولة مستقلة لها، فيوجد في دولة منظمة من تنظيمات وقوانين. ولكنها متشابهة من حيث أن الأساس في تلك التنظيمات قائم على الهداية الفطرية والغرائز التي أودعها الله تعالى فيها. تتعين الملكة في جميع المناطق حسب شروط معينة متساوية والواجبات المقررة لكل طائفة من النحل معينة حسب قانون الغريزة ، وكذلك الغرف فإنها تبنى في جميع الخلايا على شكل سداسي. أما الحكومات البشرية فإنها تدار حسب أنظمة مختلفة، ولها منظمة خاصة وقد وضعت كل حكومة قانونا معينا لها ، والسر في ذلك هو أن الانسان لا يستند إلى الغريزة في نشاطاته، بل يعتمد على العقل والتفكير. ومعلوم أن لكل شخص أو أمة أسلوبها الخاص في التفكير.
الغريزة وإدراكها للواقع:
لما كانت الغريزة عبارة عن الهداية الفطرية التي أودعها الله العالم الحكيم في الأحياء فإنها لا تخطئ أبدا، بل تعمل بعين البصيرة النافذة. أما العقل فإنه يجب أن يستعين بالمقدمات لاستخراج النتائج، فقد يخطئ في المقدمات وقد يخطئ في كيفية الاستنتاج منها. وهناك العشرات من المؤثرات التي تترك أثارها على العقل، مثل:
الغضب والشهوة والعادات الاجتماعية التقاليد العائلية... وهذه تنحرف بالعقل عن طريقه المستقيم فيحرم من إدراك الواقع والحقيقة في النهاية.
فما أكثر السيئات الحقيقية التي تضر بالسعادة الانسانية ومع ذلك فهي محبذة ومحبوبة لدى بعض الأمم. وعلى العكس فما أكثر الحسنات التي تعين