قام (صاحب الزنج) في السنوات القليلة التي حكم فيها بأعمال إجرامية شديدة من إهراق الدماء البريئة وما شاكل ذلك حتى ذهب ضحية سيفه آلاف الرجال والنساء والأطفال. أما الذين قدر لهم أن ينجوا بأرواحهم من طغيانه فقد كانوا يقضون النهار مختفين، ويخرجون ليلا بقلوب مليئة بالرعب والخوف للحصول على بعض الطعام. وقد عطلت الأعمال وتركت المزارع واستولى على الناس قحط شديد، فاضطر الناس إلى أكل لحوم الكلاب والقطط وحتى أجساد الأموات فيما بعد. وكان يؤدي بهم الجوع أحيانا إلى أن يقتلوا الأشخاص المشرفين على الموت وأكل لحومهم والتاريخ يروي لنا قصه غريبة عن ذلك العصر. فقد وجدت امرأة ماسكة رأسا مذبوحا وهي تبكي، فسألوها عن سبب بكائها. فأجابت أن الجياع كانوا مجتمعين حول أختها لتموت فيأكلوا لحمها، وقبل أن تموت تماما قطعوها وتقاسموا لحمها، ولكنهم ظلموني فلم يشركوني في لحمها بل أعطوني رأسها فقط لاطعم منه. إن هذه المرأة كانت لفرط الجوع قد نسيت عواطفها فلم تفكر في قتل أختها ولم تتأثر لذلك. بل كان بكاؤها لعدم إشراكها في لحمها (1).
وكذلك روح الانسان، فهي حية بالغذاء الروحي، فالانسان المحروم من التربية المعنوية والبعيد عن العلم لا يملك حياة انسانية أبدا. فهو في صورة انسان لكنه في الواقع أخطر وأوطأ من أي حيوان مفترس.
طريق تغذي الجسم:
إن جسم الانسان يشبه قلعة محكمة الأسوار، يحيط به الجلد كجدار يقوم حولها، والعروق التي تعتبر بمثابة الطرق الرئيسية والفرعية في هذه القلعة لا ترتبط بالمحيط الخارجي، أما المواد التي يحتاجها فإنها تدخل فيه بواسطة طريقين رئيسيين هما:
الجهاز الهضمي والجهاز التنفسي. إن البدن يتصل بالبيئة الخارجية عن هذين الطريقين فهو يتلقى بهما المواد الغذائية والعناصر الضرورية للحياة ويستمر في القيام بأعماله.