أن الحيوانات التي تملك شيئا من الذكاء والفطنة تقبل التربية إلى درجة ما. ومع ذلك فان حياتها قائمة على أساس الغرائز الفطرية.
تنمية الأفكار:
4 - والفرق الرابع بين العقل والغريزة هو: أن الغرائز تصل إلى مرحلة الفعلية مع النمو الطبيعي للحيوان. ولا تحتاج في ذلك إلى التربية والتعليم. أما العقل فإنه ينمو على أثر التوجيهات الصحيحة في التعلم والتربية ويظهر كماله الباطني بصورة تدريجية، وينتقل من القوة إلى الفعلية وبعبارة أخرى: فان العقل يصل إلى حياته اللائقة به في ظل التوجيهات اللازمة وإذا فقد التنمية الصحيحة ولم يقع في طريق التفكير السليم فإنه يموت ويفقد أثره. إن الهدف الأول للأنبياء - ونبينا محمد (ص) بالخصوص - هو إحياء العقل وتنمية أفكار الناس:
«يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم».
فها هو القرآن يدعونا إلى تلبية أوامر الله والرسول وتطبيق تعاليمه. إن كل ما كان يحدث عند الجاهلية من شرك وعبادة للأصنام وارتكاب للجرائم ووأد البنات كان نتيجة قتل العقل وإطفاء نور التفكير.
يقول الامام أمير المؤمنين (ع): «إن للجسم ستة أحوال: الصحة والمرض والموت والحياة والنوم واليقظة. وكذلك الروح: فحياتها علمها وموتها جهلها، ومرضها شكلها ، وصحتها يقينها، ونومها غفلتها، ويقظتها حفظها» (1).
فالسعادة تكون لمن كانت روحه حية بالعلم، وسالمة باليقين، ويقظة بالتنبه. إن الاسلام يعتبر التفكير واستخدام العقل والتدبر في عوالم الطبيعية أعظم العبادات.
وقد وردت بهذا الصدد آيات وروايات كثيرة. كان الامام أمير المؤمنين (ع) يوصي ولده الحسن (ع) فيقول: «لا عبادة كالتفكر في صنعة الله عز وجل» (2).