الطفل بين الوراثة والتربية - الشيخ محمد تقي فلسفي - ج ١ - الصفحة ١٥٥
إن بعض الجهال والمنحرفين الذين يستغلون الفرص المناسبة لاسداء الضربة القاضية إلى التعاليم الدينية. قد استغلوا هذه المناسبة فراحوا يقولون إن البشر استطاع أن يخلق بشرا مثله، وبهذا لا داعي لموافقة المتألهين حول حصر نسبة الخالقية إلى الله. ولتوضيح الموضوع والرد على هذه الشبهة لا بد من تمهيد بعض المقدمات.
جهاز التفقيس:
إن الطريقة الطبيعية في تربية فروخ الدجاج هي أن يستقر البيض تحت جناحي الدجاجة وريشها، ويفقس البيض بعد ثلاثة أسابيع... ولقد فكر البعض فيما مضى في إيجاد حرارة مشابهة لحرارة جسد الدجاجة في الدرجة في جهاز خاص وذلك لغرض التفقيس بلا دجاجة.
ولقد تم هذا العمل فعلا، واليوم يفقس عدد كثير من البيض عن كتاكيت بواسطة الحاضنات الاوتوماتيكية... ولكن لم يظهر لحد الآن من يتمكن من صنع البيضة - التي هي بمنزلة خلية كبيرة لنطفة الكتكوت - وسوف لن يستطع من ذلك في المستقبل، بل يجب عليه أن يحصل على البيض من نفس الطريق الذي قرره خالق الكون، أي عن طريق الدجاجة.
(1) واليوم نجد أن البروفسور الإيطالي قد أخذ نطفة الرجل والمرأة - التي هي بمنزلة البيضة - من مجراها الطبيعي، ولقحها في المختبر - الذي هو بمنزلة مكائن التفقيس - مع فارق واحد هو أن جهاز التفقيس يؤدي عملا واحدا هو تنظيم درجة الحرارة وتقليب البيضات ظهرا لبطن يوميا لمنع الترسب... بينما يجب على البروفسور الإيطالي أن يقوم بمائة عمل أو مئات الأفعال لتهيئة

(1) وهنا نضيف إلى عبارة الأستاذ الفلسفي نكتة مهمة. وهي أنهم على فرض صنعهم للبيضة أيضا بطريقة ميكانيكية، فلا يسمى عملهم ذلك خلقا، بل هو اقتباس لخلق الله... إذ لا يتم ذلك على فرض الامكان إلا بعد فحصهم لمكونات البيضة وعناصرها وتحليلها ومعرفة ظروف تركيبها من حرارة وضوء ورطوبة... الخ، كي يتمكنوا من صنع بيضة مثلها، وحينذاك لا يسمى عملهم هذا خلقا بل هو تقليد لخلق الله.
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»
الفهرست