سعادة المجتمع:
لقد وجدنا في الأحاديث المتقدمة أن الفطرة الأخلاقية والادراك الباطني عند الناس قد اعتبرتا مقياسا للروابط الاجتماعية. فإن ما لا شك فيه أنه لو كانت الروابط الاجتماعية في بلد ما قائمة على أساس الوجدان الأخلاقي وكان كل عضو في المجتمع يراعي الحسنات والسيئات الفطرية بالنسبة إلى باقي الأعضاء... لكان يغمر ذلك البلد بالسعادة والهناء ولم يكن للغرائز والميول النفسية أية سلطة أو تجاوز على الآخرين.
إن القادرين على اتباع نداء الوجدان هم الذين يملكون زمام غرائزهم وميولهم. أما الأشخاص المستعبدون لشهواتهم والذين ينقادون لأهوائهم فلا ينالون هذه المفخرة أبدا.
جزاء مخالفة الوجدان:
إن من النتائج الوخيمة لمخالفة الوجدان، الاضطرابات الروحية والاختلالات النفسية . فإن من يمتنع عن سماع نداء الوجدان الأخلاقي ويقدم على الجرائم إرضاء لرغباته النفسية مخالفا في ذلك فطرته الانسانية لا بد وأن يلاقي جزاءه الشديد من قبل الوجدان، بغض النظر عن العقاب الدنيوي والأخروي. وإن تعذيب الضمير وتقريع الوجدان من القوة في أعماق الروح الانسانية بحيث تسلب المجرم راحته وتتركه في دوامة من الاختلالات والأمراض الروحية أو الجنون.
«لقد أسند فرويد منظومته الفلسفية إلى الغرائز، ومن الواضح أنه أوضح بعضا من نشاطاتها ولكنه أهمل البحث عن الوجدان أو الضمير واعتبره منفذا اجتماعيا فحسب. أما الواقع فيرشدنا إلى أن قضاء الخير والشر عمل أساسي يغلب على الشخصية ويبلورها وينسقها ويلائم بينها وبين الحياة الاجتماعية... من الممكن أن يبتلي الوجدان بآفات معينة فيسبب حدوث بعض الأمراض الروحية الحقيقية.
فمثلا نجد فيسبب حدوث بعض الأمراض الروحية الحقيقية. فمثلا نجد الأمر كذلك في الهستيريا المصحوبة