ويجتمعوا عليهم بالتبليغ، ويثيروا لهم دفائن العقول» (1).
الفرق بين التذكير والتعليم:
ربما تكون قد حفظت قصيدة قبل عشرين سنة، ونسيتها على أثر الإهمال والغفلة، وليست لديك أية التفاتة إلى شيء منها أصلا، ويصادف أن يقرأ شخص تلك القصيدة أمامك فبمجرد أنه يبدأ بقراءة البيت الأول تحس بأنس وقرب إلى تلك القصيدة فتعمل حافظتك وتجتهد لتذكر الأبيات التي نسيتها... وفي الواقع فان الذي قرأ لك الأشعار ونبهك إلى حقيقة موجودة في ضميرك لكنها منسية هذا الشخص يمسى ب ( المذكر)، ويسمى عمله (تذكيرا). أما إذا نظم شخص قصيدة حديثة وقرأها لك وعلمها إياك بيتا بيتا، فيقال له (المعلم) ويسمى عمله (تعليما).
من هنا ندرك السر في تسمية النبي (ص) في القرآن الكريم باسم المذكر أحيانا، وباسم المعلم أحيانا أخرى. إذ أنه (ص) في عمله الديني والتهذيبي يقوم بكلا الدورين، فعندما يوقظ الرسول الأعظم (ص) الجوانب الفطرية في النفس الانسانية، وينبه الناس إلى ضمائرهم الباطنة، يعبر عنه القرآن الكريم بالمذكر: «ذكر، إنما أنت مذكر» (2). وعندما يأتي بتعاليم جديدة ونظم غير موجودة في الفطرة الانسانية يسمى عمله تعليما: «ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون» (3).
الأساس الرصين للفطرة:
إن أولى الأمور الفطرية عند الانسان في نظر الاسلام هو معرفة الله فلقد جاء في القرآن الكريم والنصوص المتواترة عن المعصومين عليهم السلام اعتبار معرفة الله أوضح البديهيات في فطرة البشر.