داخلي أو قلق باطني... ولكنهم غافلون عن يقظة الوجدان، وأنه من الذكاء والفطنة بحيث لا تنطلي عليه التلفيقات ولا تغيير مظهر الذنب بمظهر آخر، ولا يكف عن واجبه المقدس، وهو توجيه اللوم إلى المجرم.
«إذا كنا نقضي من هذه الظواهر بانطفاء جذوة الوجدان فقد وقعنا في خطأ كبير.
إن الوجدان لا يزال حيا حتى في حالات الموت الروحي، ويستمر في القيام بعمله بكل هدوء ويستطيع أن يكشف عن وجوده فجأة بإشراقة خلابة وغير متوقعة. فهناك إلى جانب الوجدان الذي يقوم بإظهار ميوله وعقائده وأفكاره، يوجد وجدان مستتر يحكي عن حالة روحية غير مرئية. إنه يمكن الاستعانة ببعض التعابير التي يستعملها. المريض والتي تعد فاقدة للمعنى وجنونية في الظاهر، كدليل على وجود هذا الثبات. هذه التعابير ترينا أن الوجدان يستطيع أن يبقى حيا تحت خرائب الذكاء والعقل».
«إن الوجدان يؤثر حتى في حياة الأنسجة وفي وضعية الأعمال الجسدية التي تملك شخصية حية بنفسها أيضا» (1).
وفي قضية عمر بن سعد، وقيامه بتلك المعركة الدامية على صعيد كربلاء أملا في الحصول على حكومة الري، أجلى شاهد على ما ذهبنا إليه. فمن جهة نجد أن قتل الحسين بن علي (ع) وثلة من أصحابه الأبرار والأبرياء عمل مخالف للوجدان والدين والعقل. ومن جهة أخرى كان يرغب في الحصول على حكومة الري وفي ذلك لذة الرياسة، والرغبة النفسية التي تلح عليها نفسه الأمارة. فعندما اقترح عبيد الله بن زياد حكومة الري عليه بشرط قتل الامام الحسين (ع) اضطرب عمر لذلك وتحير في أمره. فلو كان فردا مؤمنا ومتدينا لكان يرد ذلك الاقتراح بسرعة ولم يكن يقوم بتلك الجريمة الشنيعة لقاء حكومة لا تدوم أياما. وإذا كان إنسانا منحرفا وبعيدا عن الدين بتمام معنى