والغلبة» (1).
قد يمكن أن تطوى أسرار جريمة ما، ولا تفتح إضبارة للمجرم في المحاكم القضائية، أو يغفل المجرم القاضي ويمسخ القضية، أو يتهم شخصا بريئا في مكانه ويحفظ نفسه عن العقاب... ولكن لا يمكن إغفال قاضي الوجدان ولا يستطيع المجرم بأي حيلة أن يبرئ نفسه في محكمة الوجدان على خلاف الواقع.
إن الوجدان الأخلاقي يحاكم المجرم بأشد ما لديه من قوة ودقة ويتغلب عليه، فهو في الغرفة التي يختلي فيها، والفراش الذي يأوي إليه، وفي المكان الذي لا يراقبه أحد يتلوى كالسليم، ويجد عقابه على أعماله السيئة من هذا الطريق.
الدين والفطرة:
يكون الوجدان التوحيدي والوجدان الأخلاقي - من وجهة نظر الدين والعلم - دعامتين أساسيتين للتربية الانسانية السليمة، فإن دعوات الأنبياء اعتمدت على هذين الأساسين القويين بمعونة العقل. فالدين يستند إلى الفطرة في باطن الانسان. وإن (العرض) الديني الذي كان يصدر من قبل الأنبياء كان في مقابل (الطلب) الطبيعي عند الناس.
ولهذا السبب فإن الدين استقام وأرسى قواعده على الرغم من جميع الموانع والمشاكل التي لاقاها في طريقه.
تمر اليوم قرون طويلة على ظهور رسل السماء، ولا تزال شعلة الإيمان متوهجة في قلوب الناس، لأن المصدر الأصيل لهذه الشعلة المتوقدة هو: فطرة الانسان، فما دام على وجه الأرض إنسان، وما دامت هناك فطرة، فإن هذا المشعل الوهاج لا ينطفئ بل هو مستمر في إشعاعه.
وهنا يجب أن نبين أن الوجدان التوحيدي والأخلاقي... هذه الحقيقة التي نجدها في كمين كل انسان، ليس ظاهرة متصنعة، ولم يوجد على أثر الوراثة