بما أن الجزاء سريع وعاجل فالمريض يضطر إلى إطاعة الطبيب.
أما إذا نصح هذا الطبيب شابا بالاجتناب عن الخمرة والحذر عن الوقوع في أسرها، وسأله الشاب: وماذا سيحدث إن شربتها؟ فيجيبه الطبيب: إنك ستجد بعد عشر سنين الآثار الوخيمة للخمرة في جسدك وروحك... ستصاب بالعوارض القلبية والكلوية والكبدية ، وتقترن حياتك ببؤس وشقاء وانحلال... وما أشبه ذلك.
ففي هذه الصورة نجد الشاب يتماهل في العمل بنصائح الطبيب ويعاقر الخمر ليل نهار، والسبب في ذلك هو أن جزاءه آجل غير عاجل. وهكذا فكل قانون يكون عامل التنفيذ فيه قويا وسريعا فإنه يطبق بأحسن صورة وكلما فقد عامل التنفيذ أو كان الجزاء فيه آجلا فإن تطبيقه لا يتم بصورة مرضية (1).
الجزاء العاجل:
إن القوانين الطبيعية تمتاز بأن مخالفتها تؤدي إلى أن يلاقي الفرد جزاءه عاجلا، ولذلك فإن الناس يخافون الخروج عليها... النار تحرق فورا، الغاز يخنق رأسا، ولذلك فإن هذه القوانين تقابل بالإطاعة التامة والانقياد الكامل، ومعها يضطر المريض إلى إطاعة أوامر الطبيب حينما يصطدم بآلام شديدة وحمى قوية وضعف تام بعد مضي ساعة على مخالفتها.
وهكذا، فالمجرمون الذين يخرجون على القوانين الاجتماعية إذا وجدوا أنفسهم أمام عقوبات صارمة كالسجن مع الأعمال الشاقة أو الإعدام مثلا فإنهم يضطرون إلى إطاعة القانون واحترامه. ويحذرون من تجاوز حدودهم المقررة في إطار القانون.
إلا أنه توجد في القوانين السماوية ذنوبا وجرائم، يكون الجزاء عليها في الدنيا بطيئا وفي الآخرة أبطأ. ولهذا فإن كثيرا من الناس لا يرتدعون عن