الاعتقاد الحقيقي، وتنبع من منبع الايمان وهذا بنفسه هو أجلى صورة للمذهب الاسلامي بهذا الصدد فيما ذكرناه.
إن الأعمال الصالحة التي يكون لها منشأ روحاني وأساس إيماني ثابت في أعماق قلب صاحبها تشبه الشجرة النضرة التي تمتد جذورها في أعماق التربة، وتستمد حيويتها وطراوتها من الغذاء الذي تتناوله عن طريقها.
الرياء والتظاهر:
أما الأعمال الصالحة التي لا تملك أساسا إيمانا ثابتا، بل يكون منشؤها هو الرياء والتظاهر أمام الناس، أو العادة الاجتماعية... لا تبقى ثابتة أبدا، بل هي معرضة للزوال أمام أبسط عامل مخالف.
إن الاحسان إلى الناس وإعانة الضعفاء من الأعمال الصالحة فمن يقوم بهذا العم المقدس امتثالا لأمر الله واحتراما للايمان، يعمل في كل مكان وبلا أي منة بل يكون رائده الاخلاص وجلب رضى الله دون النظر إلى مدح الناس وإطرائهم أما الذي لا ينبع له إحسانه من رصيد إيماني بل يكون دافعه إلى ذلك ظروف المحيط، والتظاهر أمام الناس، وانتشار أمره في الصحف والمجلات، فبمجرد أن تنتفي ظواهر الاطراء والمدح وتنقطع المجلات عن الحديث عنه، أو يجهل الناس إحسانه نجد أنه يتقاعس عن الاحسان، أو يتخلى عنه تماما:
«يقول بعض الملحدين الذين يتميزون بصبغة أخلاقية: لما كانت المشكلة الأساسية هي إطاعة القوانين الأخلاقية فإننا لو استطعنا تنفيذ هذه القوانين لأصبحنا في غنى عن الدين. هذا التفكير إنما هو علامة الجهل السيكولوجي. ذلك أن الانسان يشكك دائما في قيمة القواعد التي لا يعرف منشأها، مضافا إلى أن سلوكا كهذا دليل على عدم فهم المشكلة نفسها. لأن المقصود أن يتكامل الانسان في باطنه أولا كي يستطيع التفكير بصورة أخلاقية، ليس الهدف أن نحث الانسان على أن يؤدي حركات أخلاقية. فما لم يكن سلوك كل فرد مرآة تعكس تكامله العميق الداخلي، فإن عملياته تعد سلسلة من التحديدات المتصنعة والمؤقتة التي تزول بأبسط مبرر. إن القواعد الأخلاقية إذا