سلامة الطعام ونظافته:
بعد هذه المقدمة الوجيزة ننتقل إلى صلب الموضوع فنقول: إن النقطة الأولى التي يجب أن نبحث عنها هنا هي مسألة سلامة الطعام ونظافته. إن مما لا شك فيه أن بعض النباتات وكذلك لحوم بعض الحيوانات لا تلائم البناء الانساني، وإذا تغذى شخص منها فإنها تسبب مسموميته أو حدوث أمراض أخرى له. في العصور المتمادية كان الانسان - لقلة الموارد الغذائية من جهة، وجهله بالغذاء المفيد والمضر من جهة أخرى - يأكل كل حيوان يصطاده، ويتغذى على لحم الكلب، والقطة، والحوت، والفيل، وغيرها من الحيوانات والحشرات وحتى من لحوم الانسان واللحوم العفنة والفاسدة. ومن جراء ذلك فقد لاقى ملايين الناس حتفهم لتسمم الطعام أو أنهم فقدوا الاعتدال والسلامة في مزاجهم على الأقل. واليوم أيضا توجد طوائف وشعوب تقتفي أثر ذلك السلوك الخاطئ ويأكلون من لحوم الحيوانات المفترسة والسباع وحتى من لحوم البشر - إذا قدر لهم ذلك - ولا يزالون يصابون بنفس العوارض والآلام.
«أثبتت البحوث الجغرافية للتغذية أن الانسان الذي يعيش في أحضان الطبيعة شأنه شأن الشعوب المتمدنة في العالم في عدم الالتزام بعقيدة معينة، وهو يأكل أي موجود حي، كالحية، والحشرات، والديدان، واللحوم المتعفنة، ولحم الكلب والفار وما شاكل ذلك... هذا عندما لا يجدون لحو أبناء جنسهم» (1).
إن إحدى الخدمات المهمة التي أسداها الأنبياء لهداية البشر هي الاهتمام بالمواد الغذائية. إن أولئك القادة الروحانيين قد قسموا الأطعمة منذ أمد بعيد إلى الخبيث والطيب، واعتبروا بعض الحيوانات محللة الأكل وبعضها محرمة الأكل، وأجازوا لأتباعهم أن يتغذوا مما يحل أكل لحمه ومنعوهم عن أكل ما لا يحل أكل لحمه منعا باتا.