الصفات المختفية:
ومن السهولة بمكان نستنتج من هاتين الفقرتين: أن الحيوان أو الانسان قد يرث من أبويه أو أجداده البعيدين صفات كانت مختفية فيهم ولكن توفر بعض الشروط المناسبة والبيئة الخاصة أدى إلى ظهور تلك الصفات في الأجيال اللاحقة. إن العلماء اليوم يربطون بين الانسان الحالي وأجداده الماضين بالجينات الناقلة للصفات الوراثية ربطا دقيقا ومعقدا في نفس الوقت.
«يمتد الانسان في الزمن مثلها يمتد في الفراغ إلى وراء حدود جسمه... وحدوده الزمنية ليست أكثر دقة ولا ثباتا من حدوده الاتساعية. فهو مرتبط بالماضي والمستقبل، على الرغم من أن ذاته لا تمتد خارج الحاضر... وتأتي فرديتنا كما نعلم إلى الوجود حينما يدخل الحيمن في البويضة. ولكن عناصر الذات تكون موجودة قبل هذه اللحظة، ومبعثرة في أنسجة أبوينا وأجدادنا وأسلافنا البعدين جدا. لأننا مصنوعون من مواد آبائنا وأمهاتنا الخلوية. وتتوقف في الماضي على حالة عضوية لا تتحلل... وتحمل في داخل أنفسنا قطعا ضئيلة لا عداد لها من أجسام أسلافنا... وما صفاتنا ونقائصنا إلا امتداد لنقائصهم وصفاتهم...» (1) «إن أساس تكوين أنسجة الانسان مسألة يكتنفها الغموض، إذ أننا لا نعرف كيف جمعت (جينات) أبويه وأجداده في البويضة التي نشأ هو منها، كما نجهل إذا كانت ذرات نووية معينة من أحد الأسلاف البعيدين المنسيين غير موجودة فيه. أو إذا كانت تغييرات اختيارية في (الجينات) قد لا تتسبب في ظهور بعض الصفات غير المتوقعة. فقد يحدث أحيانا أن يبدي أحد الأطفال الذين عرفت ميول أسلافهم لعدة