إرواؤها على غير نظام أو ترتيب، فلا شك في أنها تتضمن مئات المآسي وتؤدي بالانسان إلى عاقبة سيئة.
عشرات الأرياف يمكن أن توجد على ضفاف نهر، ومئات الأسر تستطيع أن تعيش فيها على أتم الرفاه والراحة... إن جميع المزارع والحقول والمراعي وبصورة موجزة جميع مظاهر العمران هناك وجدت من ماء ذلك النهر. وإذا لم يكن ذلك النهر موجودا، لم يكن أثر للعمران ولم تكن توجد الأرياف، ولكن قد يصادف أن ينحدر السيل من الجبال ويؤدي فيضان النهر إلى أن يتجاوز النهر مجراه، ويهجم على المزارع والمساكن بصورة جنونية، ويؤدي إلى خسائر عظيمة في الأرواح والأموال وتنسف الأتعاب والجهود التي بذلها الريفيون المساكين طيلة سنوات عديدة!!.
إنه لا يمكن الاستغناء عن النهر، لأن النهر يعتبر الشريان الرئيسي لحياة هؤلاء الناس في الأرياف، وإن مظاهر العمران ظهرت بفضل وجود النهر - ولأجل أن نستفيد من فوائد النهر، ولا ترد علينا خسارة أو ضرر من جراء الفيضان، علينا أن نبني سدا محكما عليه، ونمنع من طغيانه ومن الواضح أن بناء السد يجعلنا ننتفع من فوائد النهر باستمرار، ونكون في مأمن من أضراره وخسائره.
طغيان الغرائز:
إن الغرائز والميول البشرية تشبه النهر الذي تقوم عليه الحياة الفردية والاجتماعية . فإن كانت الاستجابة لها بصورة معقولة وحسب مقاييس ثابتة فإنها تمنح الحياة نشاطا وحيوية، أما إذا أرضيت بالصورة الفوضوية العارمة ومن دون نظام أو ترتيب فلا شك في أنها تؤدي إلى الشقاء والانهيار. وبعبارة أخرى: فكما أن النهر كان مسخرا لصالح الناس تارة وكان الناس مسخرين لتأثير النهر تارة أخرى، كذلك الغرائز فإنها قد تخضع لقيادة العقل، وقد يخضع العقل لقيادة الغرائز. إن السعادة تتحقق متى خضعت الميول جميعها لسيطرة العقل، وكانت منقادة لأوامره ومقرراته.