وسالما... فليس هذا العمل غير مناف لأساس التوحيد فحسب، بل يبقى سندا قويا على النظام الدقيق الذي يسود الكون، ودليلا بارزا على وجود الخالق الحكيم العالم الذي أوجد حتى الذرات غير المرئية في هذا العالم حسب نظام دقيق وتقدير مطابق. وهنا يتبين قوله تعالى: « إنا كل شيء خلقناه بقدر». إذ أنه لا شك في أن الطبيعة الجاهلة والصدفة العمياء لا يمكن أن يصدر منها هذا النظام العجيب.
نستنتج مما سبق أن الحيوانات والحشرات وحى الخلايا تملك قسطا وافرا من الهداية الفطرية الإلهية، ولا تحتاج في الوصول إلى كمالها اللائق بها إلى التعليم والتربية . إن النحل والعناكب تعرف منهجها التكاملي على نحو الغريزة الفطرية، وكذلك الحيامن والكريات البيض تعرف وظائفها عن طريق الهداية الإلهية.
إن بعض النشاطات التي تظهر من الحيوانات والحشرات بإرشاد من هدايتها الغريزية دقيقة ومهمة إلى درجة أنها تبعث الانسان على التعجب والحيرة!
حشرة الآموفيل:
«إن حشرة الآموفيل لا تأكل الديدان، بل هي تتغذى على الأعشاب، لكن صغارها تحتاج إلى الديدان في تغذيتها في أولى أدوار حياتها، ولهذا فإن هذه الحشرة تلسع الديدان وتخدرها بالسم المخصوص الذي تفرزه ولكن لا تقتلها... وذلك لكي تولد صغارها فتستطيع التغذي على هذه الديدان. إن حشرة الآموفيل تعلم أن الديدان لو قتلت قبل ولادة صغارها فإنها تتعفن ولا تصلح غذاء لها. إن هذه الحشرة قد اكتشفت أنه لو لم تخدر الديدان بالدرجة الكافية فإنها تستعيد نشاطها وتأخذ بالفرار... فتموت صغارها جوعا، لذلك فإنها تلسع الدودة بصورة غير قاتلة