الضمير الباطن والظاهر:
ولإ يضاح معنى الضمير الباطن والضمير الظاهر من زاوية علم النفس نجد من الضروري أن نمثل لهما بمثال: تصوروا أسرة متوسطة مسلمة عاشت حياتها في طهارة وشرف، فالزنا والاستهتار يعدان عملا شنيعا في أنظار أفراد الأسرة. ولم يسبق لهم أن دنسوا أذيالهم بتلك الجريمة. تتعارف فتاة من هذه الأسرة مع شاب بصورة سرية، وبعد عدة لقاءات عادية يتفقان على أن يقضيا نهارا كاملا معا. تخرج الفتاة بحجة التذاكر في الدروس والذهاب إلى بيت إحدى زميلاتها وتذهب مع رفيقها للنزهة إلى (سد كرج)، يتنزهان لساعتين أو ثلاث، ويتلذذان بمشاهدة المناظر الطبيعية الجميلة... وعند الظهر يذهبان إلى بيت ما للاستراحة وتناول طعام الغذاء. المحيط الهادئ وانعدام الرقيب عليهما يهيجان عواطف الشباب و - بصورة موجزة - ينال وطره من الفتاة.
وبالرغم من أن الفتاة لم تكن تملك فكرا هادئا من أول الصباح وكانت تحس بالقلق في باطنها، لكن فقدان بكارتها سبب لها انهيار شديد، ولكن الآوان قد فات، وقد وقع ما كان واجبا أن لا يقع. وعند المغرب يرجعان إلى المدينة. كان غياب الفتاة هذا اليوم للمطالعة والتذاكر العلمي في الظاهر، ولكن قد وقع في الباطن اتصال غير مشروع. إن الفتاة تحس باضطراب شديد من جراء عملها هذا، وتشعر بأن شرفها مهدد بالخطر، فإن أفشي سرها فإن ذلك سيجر لها فضيحة عظيمة. إنها تفكر، وتخطط، وتصمم في النهاية - خلاصا من الفضيحة - أن لا تتزوج مدى العمر وتحتفظ بهذا السر ة تصحبه معها إلى القبر، ولتنفيذ خطتها هذه تبدأ بالتمهيد للموضوع، تتحدث عن مشاكل الزواج أحيانا. ثم لا يمضي بضعة أشهر حتى يجيء إليها من يطلب يدها. الفتاة تختفي عن الخاطبات، وتخبر أبويها وأفراد أسرتها عن امتناعها عن الزواج وتتحدث عن تصميمات دائما: لا أتزوج، الرجال غير أوفياء، لا يوجد رجل في مجتمعنا. لماذا أتزوج؟
لماذا أرمي بنفسي في دوامة المشاكل والآلام؟ وما أكثر الفتيات اللاتي تزوجن ورجعن بعد عدة أشهر إلى بيوت آبائهن، حوامل، وقضين حياة ملؤها الكدر والأسى. إني لا أرمي بنفسي في