المستقيم يكون قد انسلخ عن الانسانية، وإن بدا صلاحه وكان يطيل الركوع والسجود. إن الوجدان الأخلاقي إذا كان حرا ولم تعصف به عواصف الجبن والغضب يدرك الخير والشر بالالهام الإلهي، ويستطيع أن يكتشف طريق سعادته من شقائه: «ونفس وما سواها، فألهمها فجورها وتقواها».
عدالة الوجدان:
إن الوجدان الأخلاقي يعتبر من أهم وأعظم العوامل التنفيذية للوقاية من الجرائم.
فإنه الذي يوجه اللوم والتقريع إلى المجرم، ويوجه نحوه بذلك أشد الضربات. إن الوجدان الأخلاقي أطهر وأقدس محكمة قضائية لمعالجة الجرائم والجنايات. وإن عدالة محكمة الوجدان تضارع عدالة المحكمة الإلهية في القيامة... فكما أن الله تعالى يحكم بين الناس بالحق في ذلك اليوم، كذلك الوجدان الأخلاقي، فإنه يحاسب المجرم ويجازيه، ولهذه المناسبة بينهما فان الله تبارك وتعالى قد قرن النفس اللوامة بيوم القيامة في القرآن الكريم حين قال: «لا أقسم بيوم القيامة، ولا أقسم بالنفس اللوامة».
«الأخلاق الصحيحة هي التي تستند على أساس احترام الوجدان. وإن الوجدان الأخلاقي يعمل دائما للارتباط بالدين لأنه سر نشوء الاطمئنان والاعتماد.
ولهذا فان الوجدان الأخلاقي يحكم في الأفعال بصورة عادلة وصحيحة بصورة كلية، وذلك بخلاف العقيدة التي يمكن أن تؤثر فيها الدعايات بسهولة».
«إن احترام الوجدان الأخلاقي ليس منشأ الحرية والرفاه الاجتماعي فحسب، بل إنه منشأ الهدوء النفسي أيضا. والآن حيث لا يمكن الخروج على إطاعة الوجدان الأخلاقي، فالأجدر أن نتقبل أوامره بكل ارتياح وشوق ونخضع لحكمه وعدالته.
هذه الطاعة النفسية توجد سلوكا حميدا ومفضلا» (1).