لأفراد أحرارا في الحصول على الكفاءات، فمن يكون نتاجه أفضل ينال صلاحيات أوسع. هذه الدولة تكون من النظرة المادية والمعنوية مهدا للفضيلة، ومنشأ للسعادة والراحة.
الأسرة والحرية:
تخضع نفسيات الأفراد في الأسرة إلى وضع حكومة الآباء. فالأب الذي يتحدث إلى أبنائه بلسان التهديد والعقاب فقط وتكون إطاعته له قائمة على أساس الخوف منه، ينعدم حب التعالي والترقي من نفوس الأطفال، ولا تظهر استعداداتهم الخفية ولا يفكرون في تحصيل الكفاءات لأنفسهم. وبصورة أساسية فإن الأطفال في أمثال هذه الأسر لا يدركون أنفسهم، ولا يلتفتون إلى وجودهم بين ظهراني المجتمع، لأنهم لم يسمعوا كلاما من رب الأسرة حول إظهار شخصياتهم، إنه كان يتحدث معهم بلغة السوط والعصا فقط!.
أما في الأسر التي تقوم على أساس التعالي النفسي وحب الكمال، الأسر التي تهدف التربية فيها إلى إيجاد الكفاءة والفضيلة والصلاحية في نفوس الأفراد، تنعدم لغة التهديد والعقوبة، بل يستند المربي حينئذ إلى شخصية الأطفال ويستفيد من غريزة حبهم للكمال في تشجيعهم على العمل المثمر الحر.
إن الحديث الذي بدأنا به المحاضرة يستند إلى هذا الأساس. فالامام الحسن عليه السلام لم يتحدث عن نفسه مع أطفاله ولم يهددهم بقوته، بل أشعرهم بأنهم صغار اليوم ، وربما كانوا كبار الغد، وإن العظمة وذيوع الصيت في المجتمع يستلزم الكفاءة، فأخذ يحثهم على التعلم وتحصيل المعرفة.
* * * تجانس الدولة والأسرة:
من هذه النقاط التي تقدمت ندرك مدى التشابه بين جو الأسرة ومحيط الدولة. نتوصل إلى أن الحكومة الاسلامية والنظام الاجتماعي فيها يقوم على الحرية والعدالة.