فرضها بما هي حادثة يستلزم أن تكون سلسلتها محدودة بالعدم فيبطل الفرض وإلا خرجت عن كونها موجودات حادثة فيبطل الفرض أيضا.
وأيضا ما هي الغاية للعلم بفرض التسلسل فإن كان تقحم هذا الفرض الباطل لأجل أن يتحير العلم لعجزه عن إدراك السلسلة الغير المتناهية ويقف موقف المبهوت فليقف إذن على حيرته من أول الأمر بدون حاجة إلى كلفة هذا الفرض الموهوم وكيف يعجز العلم بسلسلة لو أمكنت لم تكن إلا بإحاطة صناعته لها وقدرته على فرض ترتيبها بتصوير حلقاتها بكنهها في معمل أعماله.
الشيخ: قد عدلنا عن مسألة التسلسل ولكن لماذا لا تقولن إن الأثير أو الجواهر الفردة معلولة لما يصدر عنها وصادرة عنه.
الدكتور: العفو يا شيخ كيف يكون الشئ صادرا عما يصدر عنه.
فإنا لو فرضنا أن كل واحد من الشيئين علة فاعلية أو مادية لصاحبه ومعلولا له كذلك للزمنا أن يكون كل واحد منهما موجودا حال عدمه ومعدوما حال وجوده ولزمنا توقف وجود الشئ على وجوده وفي هذا من المحال والامتناع والتناقض ما لا يخفى وهذا هو الدور الذي يعترف كل أحد من الماديين والمتدينين وخصوص كتاب المسلمين ببداهة بطلانه وما سار العلم سيره إلا بالبناء على بداهة بطلان التسلسل والدور. فمن الغريب يا شيخ تشبثك في المكالمة بهذه المستحيلات.
الشيخ: مهلا أيها الدكتور فإن جملة من العصريين المائلين إلى المذهب المادي يكثر منهم الهياج إذا قابلتهم في الحجة ببطلان التسلسل في الموجودات الحادثة وبطلان الدور وعلى الخصوص إذا ذكر اسم الامكان والوجوب والامتناع والاستحالة فيهزأون بهذه الألفاظ من دون دراية لهم في العلم فأردت أن أتحقق براءة فضيلتك من هذه الوحشية العامة.