في العالم من شئ موجود بعد عدمه على أتقن صنع وأحسن نظام تبهر العقول حكمته، ويعجز العلم عن إحصاء غاياته الشريفة.
وهل تغفل الفطرة والوجدان الحر عن الحكم بأن هذه الأشياء الحادثة لا بد لها من موجد منزه عن الحدوث والحاجة إلى من يوجده.
وحينما يشاهد الانسان هذه الموجودات المستعملة في غاياتها العظيمة بأوضح ما يشاهد من الاستعمال الباهر بجماله وانتظامه فهل تغفل فطرته ووجدانه الحر عن اليقين بأن موجدها لا بد أن يكون عالما بهذه الغايات قد أوجد الموجود بنحوه الخاص به لكي تترتب عليه غايته الخاصة.
وهل يكون الخالق الواجب الوجود العليم الحكيم غير الله؟ فإن لفظ الجلالة (الله) اسم خاص لذات الخالق الواجب الوجود العليم الحكيم.
يا أصحابنا وإذا كانت بداهة الفطرة تشهد بأن القطع الصوانية التي ذكرناها هي آلات صنعها صانع مختار لأجل غاياتها كما قلتم سابقا مع أنها لم يشاهدها أحد مستعملة في غاياتها فهذه أجزاء العالم المستعملة في غاياتها على أوضح حكمة وإتقان كيف لا تشهد الفطرة والوجدان بأنها صنع صانع عالم بالغايات قد صنعها لأجل غاياتها.
وكيف لا تشهد الفطرة والوجدان بأن هذه الأشياء الحادثة في الكون لا بد لها من أن تكون محتاجة إلى موجد منزه عن الحدوث والحاجة.
عمانوئيل. يا شيخ إنا متدينون مقتنعون بهذه الأمور نراها حق اليقين، ولكن للماديين فيها معارضات، فليس من الجيد في التدقيق أن نخوض فيها وحدنا.
بل لا بد من أن نحضر معنا من يحامي عن المذهب المادي لكي يقول ما عنده وتقول ما عندك في إيضاح الحقيقة لكي تنجلي ظلمات الأوهام عن صبح اليقين.
الشيخ. يا عمانوئيل إن جميع ما يتشبث به الماديون غير خفي عن