وكل جزء منه صغيرا كان أو كبيرا يراه مسخرا للغايات الجليلة معدا للفوائد الكبيرة مستعملا في الآثار الباهرة جاريا على حكمة فائقة.
وكلما أمعن النظر وأحسن الجد تجلت له حسب استعداده من الغايات والحكم ما لم يكن يخطر على باله.
وها هو العلم قد صار يكشف كل يوم عن أسرار وغايات لم تكن في الخيال. أسرار وغايات يرتاح لها الشعور ويعظمها العلم ويستزيد منها العالم المجد الحر.
ألا، وإن الوجدان يحكم بأوليات حكومته وبديهيات قضائه أن الموجد لأمثال هذه الأمور التي تهتفت بغاياتها لا بد من أن يكون عالما بتلك الغايات قد أوجد موجوداته لأعمال غاياتها ونتائج فوائدها التي نعرف منها ما لا يحصى ويكشف العلم في كل حين عما يبهر العقول بحكمته وعظيم فائدة.
هذه القطع الصوانية التي وجدها الحفريون في جوف الأرض على هيئة فاس ومنشار وسنان.
كيف حكم الوجدان من أهل العلم وسائر الناس بأنها صنعها البشر قبل ألوف من السنين لأجل غاياتها وفوائدها التي كانوا يتصورونها. وهذه موجودات العالم بأجمعها في جميع أدوارها مرتبة على نظام الغايات مستعملة فيها على أتقن الحكمة كيف لا يحكم الوجدان بأنها صنع صانع أنشأها لأعمال غاياتها المعلومة لديه.
إذا وجدنا مدينة ذات شوارع متوازنة وبيوت شامخة وغرف منظمة وآلات للضياء وآلات لتعديل الحر والبرد وطلمبات تقسم الماء بميزان متقن إلى جميع مساكن البلدة ومعاملها وطلمبات تجذب فضلة الماء المتكدر بالعوارض وتأتي به إلى معمل يصفيه ويقذف بطلمبا إلى أخرى إلى طلمبا التقسيم وهكذا وعلى هذا تدوم دورات الماء. ووجدنا فيها تلفونا وتلغرافا ممدودين بأتم الأدوات وأحسن الاتقان. ومقادير وافرة من